القذف - وفقاً للشريعة الإسلامية - يشمل الاتهام لشخص بما حرمه الله عز وجل، خاصة عندما يكون الشخص المعنيّ غير مذنب بهذا الإثم. يُعتبر هذه جريمة خطيرة للغاية لما لها من آثار مدمرة على حياة الأفراد والعائلات والمجتمع بشكل عام. وقد ورد ذكر العقوبات المرتبطة بالقذف بشكل واضح ومفصل في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
بحسب التعريف القرآني للقذف، فهو "إلقاء الاتهامات الكاذبة بالأفعال المنكرة"، مثل ادعاء زنى شخص أو لوطيته. ومعلوم أن الإسلام يحترم خصوصيات الأشخاص وأسرهم ويتشدد في حماية عرضه وشرفه واحترامه بين المجتمع. لذلك، ألزم الدين الإسلامي كل مسلم بتجنب الحديث عن عرض أخيه المسلم بحرص ودقة لمنع انتشار الأحاديث المثيرة للاشمئزاز وإيذاء الآخرين عبر نشر الشائعات والتشهير بهم أمام الناس.
يرتكز حكم القذف على مجموعة من المبادئ الأساسية تضمن سلامة ونظام المجتمع. أول هذه المبادئ هي مكافحة الظلم ومنع انتشار الفتنة والشائعات الضارة داخل البيئة الاجتماعية مما يؤثر سلبياً واستمراريتها قد تؤدي إلى نشوب نزاعات وصراعات طويلة المدى. وثانيها حماية حقوق الفرد وحفظ عرضه وشرفه وانتشار روح الاحترام المتبادل بين أفراد المجتمع الواحد. بالإضافة إلي ذلك، يعمل القانون التأديبي لهذه الآفة علي رفع مستوى الوعي الاجتماعي تجاه ضرورة عدم اختلاق الوقائع والكذب بشأن الآخرين كي لاتتحول تلك التصرفات الخاطئة الي ظاهرة اجتماعية مؤثرة وغير مرغوب فيها.
كما أكدت عدة مراجع فقهية وأصولية علي أهمية تطبيق قانون تأديب مرتكب جرماً كالذي سبق وصفه والذي يستوجب غرامة مادية وهي الجلدثمانٍ وعشرين جلدات وذلك حسب توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث جاء في حديث صحيح عند الامام البخاري :"واجتنبوا السبعة الموبقات". وفي ذات السياق أمر الرسول الكريم قائلاً:" اجتنبوهن وإن كنت قاب قوسين او ادنا منه ". وهذه النصوص تبين مدى حرص الاسلام علي تعزيز قيمه الاخلاق الحميدة وكيف انه يقترن دائما بالحفاظ عليها بسلسلة من الاحكام العمليّة والتي تساهم بصورة فعالة في تحقيق العدالة وزرع ثقافة احترام الذات والحريات الشخصية ضمن اطار ديني رسمي ثابت. علاوة علي كون اقرار مجلس المجمع الفقهي لرابطة العالم الاسلامي لحكم قضائي ضد اي مخالف لهذا التشريع دليل آخر يدعم دور الدولة باعتبارها جهة مسؤولة عن مراقبة وضمان سير جميع الاعمال العامة بمختلف اشكالها بناء علي شرع رب العالمين. وبالتالي فان فهم طبيعة نظام الجزاء المرتبط بجرائم القذف يلعب دوراً مركزياً فيما يتعلق بفهمه كجزء فعال من منظومة النظام الشرعي العام للإسلام وتمسك المسلمين به كمصدر أساسي لحياتهم اليومية فضلاً عن دوره الوعظ والإرشادي لتذكير الجميع بان الانسان مسؤول امام خالقه عمّا يقول ومايفعل قبل الموعد النهائي للحساب يوم القيامة حيث تقف أعمال البشر أمام نور الحق والعدل الرباني الذي لن يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ليوم الفصل والنطق بالحقائق كما حدث أيام الدنيا بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة بدون استثناء لاحد مهما بلغ سلطانه وضعفه! إن اتباع نهج الحياة المشترك المبني علی أساس تنظيم العلاقات الإنسانية الأصيلة وعلى رأسها أساس ضبط النفس وعدم التفريط بتقديم المصالح الشخصیة فوق حساباتها الثقافية والأخلاقیة سيضمن بالتالي دخول مجتمع آمن وطیب وسلیم من الأمراض الاجتماعیة والجرائم الخطیرة كتلك الجریمة الغالیظة والمضرۃ للأبدانوالنفوسوالاخلاق !