تُعد الغابات الاستوائية المطيرة أماكن حيوية تُساهم بشكل كبير في تنظيم نظامنا البيئي العالمي وتعزيز قدرته على الصمود أمام التأثيرات الناجمة عن تغيّرات المناخ العالمية. تعتبر هذه النظم الطبيعية المتوازنة بمثابة "رئتي الأرض"، حيث تقوم بعملية امتصاص كميات هائلة من غاز ثاني أكسيد الكربون من الجو، وبالتالي تقلل من تراكمه الذي يؤدي بدوره إلى زيادة ظاهرة الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فإن فهم كيفية تأثير خصائص هذه الغابات الفريدة ووظائفها الحيوية يساعدنا على صياغة استراتيجيات أكثر فعالية لحماية واستعادة هذه البيئات الهامة وحمايتها ضد الضرر المستمر بسبب التصحر وفقدان التنوع الحيوي وتقلب الطقس غير المنتظم.
في الآونة الأخيرة، سلط بحث جديد الضوء على جوانب مهمة تتعلق بكيفية أداء الغابات الاستوائية المطيرة كمعاقل رئيسية لمكافحة آثار ظاهرة الاحتباس الحراري. إن التركيب المعقد لهذه الغابات، والذي يشكل شبكة معقدة تضم أنواعاً مختلفة من الأشجار والأشواك والجذور والنباتات الأخرى، يمنحها القدرة الفريدة لامتصاص وإزالة ثاني أكسيد الكربون بنسبة أعلى مما كانت عليه في السابق. حتى أن بعض الأنواع الداخلية للأشجار قد تم تحديدها مؤخرًا بأنها قادرة على تخزين المزيد من الكربون مقارنة بالأشجار الشائعة والمعروفة سابقًا. وهذا الاكتشاف يعزز الرؤية القائلة بأن إعادة التشجير والحفاظ على غطاء النبات العالي هما مفتاحان لتحقيق نتائج إيجابية نحو الحد من الانبعاثات المرتبطה بالتغير المناخي.
بالإضافة لذلك، تعمل البكتيريا والميكروبات الموجودة ضمن التربة الخصبة للغابات الاستوائية أيضا كعامل أساسي في دورة الكربون. حيث تلعب دوراً حاسماً فيما يعرف باسم "البناء العضوي" - وهو عملية تحول المواد العضوية (مثل الأوراق المتحللة)، إلى مواد عضوية أكثر تعقيداً تحتوي حملاً أكبر للكربون ويمكن حفظها بوقت طويل داخل النظام البيئي للغابات نفسها. ويعتبر هذا الأمر مهماً للغاية لأنه يساهم بصورة فعلية في خفض مستويات ثاني أكسيد الكربون بالجو عبر مسارات زمنية طويلة نسبياً. بالإضافة لما سبق ذكره، فقد وجد العلماء أيضاً أنه رغم تعرض مناطق واسعة من تلك المناطق لعوامل بشرية كهجرة الإنسان والتوسعات الزراعية وغيرهما؛ إلا أنها ما تزال تحتفظ بمستوى عالٍ جداً ممّا يسمى ببروتوكولات تجانس الكربون ("Carbon Sequestration"). ويعني وجود بروتوكول قوي لتجانس الكربون عدم تسرب نسبة كبيرة منه مجددًا للإجواء مرة أخرى, وذلك نتيجة تكثيف عمليات المصارف التي يقوم بها النظام البيئي نفسه أثناء تنظيمه الدورة الحيوية للساقطات والعناصر الآخرى بالداخل مُستخدمآ بذلك آلية رائعة لإعادة تدوير الطاقة والكربون بطريقة منظمة وموحدة .
وفي مرحلة لاحقة لدراسات مشابهة، شرعت فرق البحث العلمي الرائدة اليوم في التحقق من مدى جدوى تطبيق مبادئ الشبكات الغذائية المحلية والديناميكية والتي يمكن وصفها بالتطبيق العملي لأفضل التقنيات الحديثة المُطبَقة حاليًا عالميًا للحفاظ على تكوين وصيانة هذه المساحات الخضراء الواسعة وتحسين مستوى إنتاجيتها أيضًا برفقة تقليل عوامل المخاطر المحتملة عليها وعلى سكان محيطاتها كذلك خلال فترة انحباس حرارتها المعتدل نسبيأ الآن مقارنة بفترة ما قبل الثورة الصناعية المبكرة ثم اللاحقة لها ! وستعمل هذه الدراسة الجديدة بلا شك علي توسيع نطاق معرفتنا العامة حول مخزون ووظيفة وغنى موارد موارد طبيعية عريقة موجودة أصليَا بإقليم العالم الجديد الحالي بينما سوف تشير اتجاه الخطوات العملية التالية الواجب القيام بها بحذر شديد ولمدة اطول للمعالجة المشتركة لهذا الموضوع الكبير الحساس ارتباطاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية جميع الأصناف المختلفة لكل البشر!