لا يشرع للإنسان أن يقصد مشقة ما في عبادة من العبادات طلباً للثواب، سواء كان ذلك في توضأ بماء بارد في وجود ماء دافئ، أو قصد مسجداً أبعد في وجود مسجد أقرب. فالمشقة ليست مقصودة لذاتها، بل هي مقارنة للفعل المكلف به. قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: "إذا تقرر ذلك وأن الشريعة لم تقصُد المشقة لذاتها؛ فإنه لا ينبغي لنا أن نقصد المشقة".
وعلى هذا الأساس، فإن قصد المشقة ليس مشروعاً، لأن الشارع لا يقصد المشقة. مثال ذلك، من قال سأحج على قدمي من أجل أن أتعب في الحج فيعظم أجري، قيل له: "قصْدُ المشقة ليس مشروعاً؛ لأن الشارع لا يقصد المشقة، فأنت مخالف في فِعلك لمقصود الشارع".
وعلى الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رغب في قصد المساجد للصلاة ورتب عليه الثواب، إلا أن هذا لا يعني أن المشقة تقصد ابتداء. فالعلة في ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في البقاء في ديارهم البعيدة ليست إلحاق المشقة بهم، ولا قصد المشقة ليثابوا عليها، وإنما العلة هي كراهة أن تصير المدينة خالية إذا تحول الناس جميعا إلى قرب المسجد.
وفي النهاية، يجب أن نذكر أن دين الله يسر، كما قال سبحانه: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ).