- صاحب المنشور: الفقيه أبو محمد
ملخص النقاش:
في القرن الـ21, يظل موضوع الهجرة أحد القضايا الأكثر دينامية وشائكة على مستوى العالم. هذا الموضوع غالبا ما يغلف بأفكار خاطئة وتقاليد قديمة بينما الواقع أكثر تعقيدا. يسعى هذا التحليل لفض الغبار عن الحقائق والمغالطات المتعلقة بالهجرة عبر زوايا متعددة.
### الأرقام والواقع الحالي
وفقا لتقرير صدر مؤخرا من الأمم المتحدة، بلغ عدد المهاجرين الدوليين حوالي 272 مليون شخص في عام 2019، وهو ما يعادل نسبة تقارب 3.5% من سكان الكوكب [1]. هذه الزيادة ليست جديدة؛ فقد تضاعفت أعداد المهاجرين منذ التسعينات. ولكن رغم هذه الأرقام الكبيرة، فإن أغلبية المهاجرين هم ذوي المهارات العالية الذين يتجهون نحو الاقتصادات القوية مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا وغيرها [2]. بالإضافة إلى ذلك، توفر العديد من البلدان الأمن والأمان للمهاجرين كجزء هام من سياساتها الاجتماعية والاقتصادية [3].
### الأساطير الشائعة حول الهجرة
**أسطورة "الهجرة غير الشرعية"**: يتم استخدام هذا المصطلح عادة للإشارة إلى الأشخاص الذين يدخلون بلد جديد بدون تصريح قانوني صحيح. لكن هذا التعبير يمكن أن يكون مضللًا لأنه يشير إلى وجود نوع مشروع وغير مشروع من الهجرة. في الواقع، جميع أشكال الدخول خارج القانون تعتبر مخالفات جنائية وليست حالات هجرة غير شرعية بمعنى أنها ليست بنفس الفئة النوعية للدخول المشروع أو المنظم.
**أسطورة "الإرهابي المختف في حشد المهاجرين"**: هناك اعتقاد واسع الانتشار بأن المهاجرين يتيحون الفرصة للإرهابيين للتسلل بينهم. إلا أنه حتى خلال الفترات التي شهدت ارتفاعاً كبيراً في معدلات الهجرة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية وفي أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتي ولم يحدث أي حالة معروفة حيث أدى تدفق المهاجرين إلى أعمال تخريبية كبيرة داخل الدولة المستقبلة لهؤلاء المهاجرين [4].
### التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للهجرة
بالنسبة للرأي العام، يبدو الأمر بسيطا: فالحجة الرئيسية ضد قبول المزيد من المهاجرين هي الخوف من تأثير سلبي عليهم وعلى الوظائف المحلية ورواتب المواطنين الأصليين. الدراسات العلمية تقدم وجهات نظر مختلفة حول هذه المسألة. أثبت الباحثون أن تزايد تعداد السكان بسبب الهجرة يمكن أن يؤدي إلى نمو اقتصاد البلد المضيف وذلك بفضل العمل الإنتاجي للمهاجرين وقدرتهم على ملء الاحتياجات الناشئة عن عدم توازن سوق العمالة نتيجة للجوانب الأخرى للسوق مثل الشيخوخة السكانية والتغيرات التقنية وهكذا دواليك [5].
وبالنسبة للأثر الاجتماعي، تبقى قضية اندماج المجموعات المختلفة ضمن مجتمع واحد واحدة قديمة ومثمرة للحوار والنقد. إن إدراج ثقافات ولغات متنوعة ضمن المجتمع الواحد ينبغي النظر إليها بطريقة إيجابية باعتبار أنها توسع دائرة الآراء والمعرفة وتعزز التعامل مع الآخر المختلف اجتماعيّا وثقافيّاً. وبناء الجسور الثقافية والحضارية أمر حيوي لبناء مستقبل أفضل للجميع كما أكد عليه العقلاء والفلاسفة القدماء والمعاصرون أيضًا.
[1] United Nations (2020). World Population Prospects 2019: Highlights Report. https://population.un.org/wpp/Publications/Files/WPP2019_Highlights_Report_Part_II_English.pdf
[2] Organisation for Economic Co-operation and Development (OECD) (2018). Migration Outlook 2018 - Skills Flows from High to Low Income Countries Underway Again? https://www.oecd.org/els/mig/migration-outlook-2018-skills-
عبدالناصر البصري
16577 博客 帖子