في الأعوام الأخيرة، أصبحت دراسة الدور الذي تلعبه اللاجينات - وهي المناطق داخل الحمض النووي التي ليست جزءاً مباشراً من البروتينات - موضوع اهتمام متزايد بين علماء الأحياء الجزيئي. هذه اللاجينات، والتي كانت تُعتبر سابقاً "غير مهمة"، تبدو الآن أنها تلعب دوراً حيوياً في تنظيم العديد من العمليات الخلوية، بما فيها الصحة العامة والإصابة بالأمراض الوراثية.
مع تقدم التقنيات البيولوجية الجديدة مثل تسلسل الجينوم عالي التدفق والتكنولوجيا الحيوية الناشئة، تم كشف شبكة معقدة من العلاقات بين اللاجينات ووظائف خلايا الجسم المختلفة. تشير الأدلة المتوفرة حتى الآن إلى أن بعض اللاجينات قد تكون مسؤولة عن التنظيم العالي لمستويات الجينات المرتبطة بالعديد من الأمراض الشائعة، بما في ذلك السرطان، أمراض القلب والأوعية الدموية، واضطرابات المناعة الذاتية.
على سبيل المثال، وجد الباحثون علاقة محتملة بين مناطق محددة من اللاجينات وتطور مرض الزهايمر. يُعتقد أن هذه اللاجينات تقوم بضبط مستوى بروتين Amyloid Beta (APP)، وهو عامل رئيسي في تكوين لوحات الدماغ المصاحبة لهذا المرض. بالإضافة إلى ذلك، اقترح البحث أيضًا دورًا هاماً لللاجينات في عملية الشيخوخة نفسها. يبدو أن تغييرات معينة في هذين النوعين من DNA يمكن أن تتسبب في تخفيض مستويات إنتاج إنزيم Telomerase المهم للحفاظ على طول telomeres – نهاية خيوط ADN التي ترتبط بسرعة تقادم الخلية البشرية بشكل عام.
لكن الأمر ليس فقط حول فهم كيفية عمل هذه اللوجينات؛ بل هناك أيضاً تحدي كبير يتمثل في تطوير طرق علاج تستهدفها تحديداً. ومعرفة المزيد حول الآليات الأساسية لهذه العناصر الغامضة داخل حمضنا النووي ستكون خطوة أولى نحو تصميم أدوات علاجية فعالة وموجهة بدقة للأمراض المرتبطة بها.
وفي المستقبل القريب، نرجو رؤية مزيد من الدراسات المكثفة لفهم أدوار اللاجينات كاملة وكيف يمكن استغلال المعارف المكتسبة لصالح الطب الحديث والحماية الصحية العامّة للإنسان.