- صاحب المنشور: العنابي بن ساسي
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم تحولاً ملحوظاً نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة كبديل متزايد لمصادر الوقود الأحفوري التقليدية. هذا التحول مدفوع بعدة عوامل رئيسية تشمل زيادة الوعي البيئي العالمي، الانخفاض المستمر في تكلفة التكنولوجيا المتجددة، والمطالبات الحكومية والأهداف الدولية للحد من انبعاث الغازات الدفيئة. إلا أنه رغم هذه الخطوات الواعدة، لا تزال هناك عدة تحديات تواجه تطوير واستدامة قطاع الطاقة المتجددة.
أولى هذه التحديات هي عدم القدرة على تخزين الكمية الكبيرة من الكهرباء التي يتم إنتاجها من خلال الطاقات الشمسية والرياح بشكل فعال وبأسعار معقولة. بينما تعمل الأبحاث والتطورات الهندسية حاليًا على حلول مثل البطاريات طويلة المدى، فإن القضايا المرتبطة بالتكلفة والاستقرار تبقى عائقًا كبيرًا أمام الاستغلال الكامل لهذه الطاقات. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب توربينات الرياح ومزارع الطاقة الشمسية مساحات واسعة من الأرض وقد تؤدي إلى مشاكل بيئية إذا لم تتم إدارة المشروعات بعناية شديدة.
ثانيًا، يعتمد نظام الشبكة الكهربائية الحالي بشكل كبير على توفر مصدر واحد مستقر للطاقة - وهو أمر غائب تمامًا عندما يتعلق الأمر بالطاقات المتجددة. قد يؤدي الاختلاف اليومي في الإنتاج بسبب تغييرات الظروف الجوية أو ساعات النهار/ الليل إلى تقلبات غير متوقعة في كميات الكهرباء المعروضة للبيع. ولحل هذه المسألة، تم طرح فكرة "شبكات ذكية" والتي يمكنها التعامل بكفاءة أكبر مع حالات الفائض والعجز عبر الربط بين مختلف مصادر الطاقة المحلية.
مع تقدمنا نحو اقتصاد أكثر استدامة واعتمادا على الطاقة الخضراء، نرى أيضًا ارتفاع مستوى المنافسة داخل السوق العالمية. الشركات الصينية وأوروبا وأمريكا الشمالية تسعى جميعها للحصول على حصة كبيرة من سوق تكنولوجيا الطاقة الجديدة مما أدى إلى سباق تكنولوجي مكثف. وهذا له جوانب إيجابية حيث يشجع على البحث العلمي والإبتكار لكنه أيضا قد يخلق نوع من عدم الاستقرار الاقتصادي المؤقت لدى بعض الدول الفقيرة أكثر بالأدوات المالية اللازمة لدعم عمليات الانتقال الضخمة كهذه.
على الرغم من كل هذه العقبات، هناك العديد من العوامل الأساسية الأخرى التي تدفع باتجاه اعتماد المزيد من الطاقة المتجددة وهي ذات طبيعة دائرية للغاية؛ فكلما زادت نسبة الاعتماد عليها قلّت التكاليف الأولية لها وزاد فعالية النظام بأكمله. كما أنها تفتح أبواب فرص عمل جديدة ليس فقط في مجال التركيب والصيانة بل حتى في التعليم والتدريب المهني. بالإضافة لهذا، فإن سياسة الحكومة والحوافز المقدمة للمستثمرين تلعب دوراً محوريا هنا حيث تقوم بتشجيع الناس والشركات للاستثمار بهذا المجال الآخذ بالإرتفاع باستمرار.
إذاً، بينما نواجه تحديات مستقبل الطاقة المتجددة بشجاعة وروية نسعى لتجاوز الحواجز الحالية لتحقيق حلم عالم خالي من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخاضعا لحياة صحية آمنة ومتكاملة اجتماعيًا واقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا.