قبل ساعة و بعد 34 عاما، في الصيدلية ادفع قيمة دواءا للقرحة، وكأن أحدهم يراقبني من الخلف ، تلك القشعريرة الخفيفة في رقبتي ، اتجاهل ذلك ، أملي على الصيدلاني رقم هاتفي ليسجل الدواء على اشتراكي ، يسألني مؤكدا الاسم :
- استاز ابراهيم ؟
- صحيح
صوت من الخلف : إبراهيم سنان ؟
بالفعل أحدهم كان يراقبني يصبح لشعوري صوتا ، التفت : هلا ، اتمعن وجهه ، يبتسم ويقترب أكثر : الله يا الدنيا ما تغيرت واجد بس نحفت يا دب . ارد ابتسامته بابتسامة ، اعقد جبيني أحاول تذكره ، يختصر علي : أحمد أحمد ، رابع ابتدائي ، مدرسة القدس ، نجران ... ثم يسكت ويكمل : اللي سرق قلمك!
مرت دقائق سريعة استرجعت خلالها ذاكرة قديمة ، قلم الشيفر الذي أهداني إياه والدي رحمه الله كجائزة لتفوقي ، نعم أتذكر ، لقد فقدته وظللت في المدرسة إلى ما بعد الدوام ابحث عنه ، والجميع يبحث معي ، استاذ خليل ، عم عبده ، الكل كان يبحث معي.. واليوم فقط عرفت أين اختفى .. اعتراف متأخر جدا
يضحك أحمد: يا أخي طول عمري احس بتأنيب ضمير ، بس نقلنا ما أمداني اعلمك ، لقد غادر أحمد مدرستنا في الفصل الثاني ، ليعود إلى مسقط رأسه في خميس مشيط . صديقي العزيز منذ الصف الأول الابتدائي ، الآن عرفت لماذا كلما دخلت مكتبة جرير اشتري قلم شيفر ، في داخلي ابن العاشرة يبحث عن قلم والده.
- فداك يا رجال ، ارحب ارحب.
أحمد يقرأني الآن ولكن لا بأس، قلتها صادقا ، رغم الالم البارد الخفيف في قلبي ، لأنه نبش ذاكرة لم أكن اعرف أنها ستجيش العبرة في صدري وتحنقني. تعانقنا، رفض عزيمتي له في منزلي ، ولكن بعد الالحاح وافق على الجلوس معي في أحد المقاهي القريبة . وبدأنا الأحاديث