مسألة حلول الحوادث
مسألة الأفعال الاختيارية هي من أهمّ القضايا التي شكلت صراعًا جوهريا ردحا من الزمن في التاريخ الإسلامي، وهي أيضا من أهم قضايا الصراع العقدي وأكثرها حساسية؛ لما فيها من لطف وخفاء، ويمكن اعتبارها أهم معاقد خلاف ابن تيمية مع مخالفيه، وشغلت حيزا كبيرا من مصنفاته
ورغم أن الشرع الحكيم قد قال كلمته النهائية الفاصلة فيها، فالله يفعل ما يشاء ويختار، وهو على كل شيء قدير، وهو سبحانه الفعال لما يريد، إلا أنه بدخول بعض المسلمين في الفلسفة وعلم الكلام نفى بعضهم ذلك عن الله؛ لشبهات كلامية عنت لهم.
من الأدلة العقلية على الفعل الاختياري أنه من المعلوم أن السموات والأرض أو غيرها من المخلوقات ليست مخلوقة منذ الأزل، بل هي حادثة في وقت معين، فحين خلقها الله عز وجل لا بد أن يفعل الله عز وجل فعلا معينا وهو التخليق، فبخلقه السماء قد فعل فعلا جديدا؛ لأن السماء لم تكن مخلوقة من قبل.
ومعنى ذلك حسب تعبير أهل الكلام أن الله حلّت به الحوادث التي لم تكن موجودة من قبل وفي حديث الشفاعة الطويل حينما يهرع الناس يوم القيامة إلى الأنبياء يقول كل نبي: «إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله ولن يغضب بعده مثله» فقد وصفه الأنبياء..يتبع
واتفقوا كلهم في حديث الشفاعة على أنه يغضب ذلك اليوم غضبًا لم يكن قد غضبه من قبل ولن يغضب بعده مثله، ففعل فعلًا لم يفعله من قبل، ولن يفعله بعده، وهذا صريح في تجدد صفات الأفعال.