بينما تحسين سعيدة وفخورة لأداء فريضة الحج، يجب ألّا يغفل قلبك عن أهمية الشعور بالخوف والخشوع تجاه العظمة الربانية. إن شعورك بخوفك من عدم قبول أعمالك ليس مؤشراً على القنوط، ولكنه علامة على إيمانك الراسخ وثقتك في رحمة الله وغفرانه. النبي محمد صلى الله عليه وسلم علّمنا أن الخوف الممزوج بالأمل هما الطريق نحو حياة إيمانية متوازنة.
في حديث نبوي شريف، تُخبرنا أم المؤمنين عائشة رضوان الله عنها أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرح لها معنى الآية القرآنية "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون"، حيث أكّد أنها لا تشير إلى الأشخاص الذين يشربون الخمور ويسرقون، ولكنها تصف المؤمنين الذين يتعبدون بطاعة والصلاة والصيام والتبرعات وهم يعيشون حالة من الخوف الدائم من عدم قبول الأعمال.
هذا الخوف ليس نتيجة فقدان الثقة في الرحمة الإلهية، بل إنه دليل على تقديس الشخص لربه وإرادته لتحقيق المزيد من الطاعات. ابن القيم رحمه الله أوضح أنه يوجد عاملان يدفعان هؤلاء المؤمنين لهذا النوع من الخوف: إدراك نقصهم وجهدهم غير المثالي في أداء الطاعات، بالإضافة إلى تعميق حبهم لله عز وجل. لذا، بينما تحتفظين بهذا الشعور بالاحترام والخضوع، احرصي أيضاً على بناء علاقة قوية مع ربك قائمة على التفاؤل والإيمان بأنه لن يخيب رجائك أبداً.
في حين تجدين نفسك وسط هذه المشاعر المعقدة، اعلمي أن مفتاح تحقيق توازن داخلي يكمن في الجمع بين الجزأين. لا تتجنبي أياً منهما - كن مخافة لدقة أعمالك ومحبكة لعفو الله رحمته واسعتيه. وفقاً للحافظ ابن حجر رحمه الله، ينبغي للمسلمين أن يعملوا بكل جدية واستسلام مطلق للعناية الإلهية لأن الله وعد بالقبول ولن يخلف وعداً قط. ومع ذلك، يجب تفادي الظن السلبي بالقضاء الالهي وبالتالي التسليم بمفهوم اليأس المرجوء.
لتقديم خلاصة واضحة لهذه الفتوى، إليك هذا الكيفية لتطبيق تلك الأفكار العملية في حياتك اليومية: 1) اجتهدي دائماً نحو زيادة كمية الطاعات كي تكون كفارة لذنوب الماضي والمستقبل؛ 2) صوفي دعوات صادقة لله أثناء أداء الفرائض وغيرها من العبادات طلباً للقناعة بإجابتها; 3) احتفظي بنظرية حسنة عن الذات أمام العين الرابعة لرعاية الحق الالهی ودعم نظرة تقدير ذات ذات ضمن حدود حدود الاحترام التعظيم ; والأخيرة, التحقق الأمن التام بوعداته المطلقات بان يتم قبولا دعاوتك جزاك الله خير الجزاء!