• صاحب المنشور: نادية الطاهري
  
  ملخص النقاش:
  في العصر الحديث، غدت التكنولوجيا الرقمية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية. فمن المحادثات الافتراضية عبر الإنترنت إلى تطبيقات التواصل الاجتماعي، أثرت هذه الأدوات الجديدة بشكل كبير على الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض داخل مجتمعاتنا. هذا التحول نحو العالم الرقمي يطرح تساؤلاً هاماً حول تأثير ذلك على الأعمال والممارسات الاجتماعية التقليدية التي كانت تُعتمد لقرون عديدة. دعونا نقارن هنا كيفية تعامل الأجيال الحالية مع المجتمع مقابل الأجيال السابقة قبل انتشار الثورة الرقمية.

الديناميكيات المجتمعية التقليدية:

قبل ظهور الإنترنت والتطبيقات الذكية، كان الأمر مختلف تمام الاختلاف فيما يتعلق بالتواصل والتعاون ضمن نطاق المجتمع الواحد. كانت الاجتماعات الشخصية أكثر شيوعاً بكثير حيث يمكن للأفراد الوقوف وجهاً لوجه ومشاركة الأفكار بصوت عالٍ. وكانت الفرصة أكبر لإقامة علاقات متينة ومتعددة الطبقات بسبب الوقت الكافي الذي يتم قضاؤه سوياً خارج المنزل وفي أماكن عامة مختلفة مثل المساجد أو الأسواق الشعبية. كما أدت مشاريع البناء المشترك للمجتمع، سواء أكانت ترميم المدارس القديمة أم بناء مساجد جديدة، دوراً محورياً في تقوية الروابط الاجتماعية وتعزيز الشعور بالهدف المشترك لدى السكان الأصليين لهذه المناطق. بالإضافة لذلك، فقد كانت المناسبات الثقافية والدينية توفر فرصاً للتجمع الكبير وإبراز الهويات المحلية والقيم المشتركة.

التغيرات المستحدثة بالتكنولوجيا الرقمية:

مع دخول عصر المعلومات وتوفر وسائل الاتصال الفورية، تغير دور التكنولوجيا بسرعة كبيرة. أصبح بإمكان الأشخاص الآن تبادل الرسائل والنشر مباشرة عن طريق الهاتف الذكي الخاص بهم بطرق لم تكن ممكنة سابقاً إلا بالقليل ممن لديهم خطوط أرضية ثابتة وماكينات كاتبة قديمة المظهر! تحولت الشبكات الإجتماعية مثل "فيسبوك" و"تويتر"، مثلاً، إلى مراكز رئيسية لتبادل الأخبار والأحداث المحلية والشخصية أيضًا . بات بالإمكان رؤية أحداث حصرية ولقاء أشخاص بعيد المنال جغرافيًا خلال فترة قصيرة للغاية وليس هناك حاجة حتى للقاء فعلي؛ كل شيء قابل للنقل رقميًا تقريبًا! وقد أتاحت تلك الوسائل للجماعات الصغيرة تنظيم فعاليات ضخمة وغير منظمة وكأنها حدث طبيعي! وبينما يبدو أن الترابط العالمي زاد نتيجة لهذا التطور، فإن الكثير يساور القلق بشأن مدى عمقه واتساع دائرة النفوذ فيه. ويبدو واضحًا أنه صحيحٌ أنه جعل عملية الوصول أسهل لكن العلاقات المقربة ربما تكبدت خسائر كبيرة. إذ يكاد يعكس الواقع الجديد أن نسبة أقل تطمح للعيش داخل حدود نفس البلدة الأصلية بعد الزواج وهجران حياة الآباء والأجداد مما يعني احتمالية انقطاع روابط الأقارب لصالح العلاقات الوظيفية المبنية على المهارات والإنجازات الذاتية المعاصرة والتي تسمى بالعلاقات "الشبكية".

وفي حين أنها صورة مشرقة بأبعادها المتعددة، تجدر الإشارة بحذر بأن الاستخدام غير المدروس لها قد يؤثر بالسلب واستهداف المستخدمين الصغار خاصة مثلا بالحصول على معلومات خاطئة عبر شبكات التواصل المفتوحة واختراق خصوصيات الناس بدون علم منهم بدون وجود أي رادع قانوني محدد وهذا أمر يستحق البحث الدقيق وأخذ الحيطة والحذر منه جنبا إلى جنب مع استخداماتها المفيدة الأخرى إذا تم التعامل معه بهدوء وعناية مناسبتين لكل طرف مستخدم وللحفاظ أيضا على شخصية المجتمع المحلي وتميزه وفرديتها وقيمه الخاصة الغنية والتاريخية كذلك ومن ثم تحقيق توازن كامل مفيد