- صاحب المنشور: خديجة الفاسي
ملخص النقاش:
مع تطور التكنولوجيا الرقمية وتزايد شعبية وسائل التواصل الاجتماعي، يواجه الإعلام التقليدي - الذي يشمل الصحف والمجلات والتلفزيون والإذاعة - تحديات جذرية تؤثر على دوره كمرجع رئيسي للمعلومات والأخبار. هذا التحول ليس مجرد تغيير طفيف بل هو تحول هيكلي عميق ينطوي على تغييرات كبيرة في كيفية جمع الأخبار وتوزيعها واستهلاكها.
في الماضي، كانت هذه الوسائل هي المصدر الأساسي للأخبار والمعلومات. ولكن الآن، أصبح بإمكان الأفراد الحصول على المعلومات مباشرة عبر الإنترنت وفي الوقت الفعلي، مما أدى إلى تقليل الاعتماد التقليدي على الجرائد المطبوعة والقنوات الإخبارية التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور المنصات الاجتماعية مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام وغيرها، أعطى أي شخص القدرة على نشر القصص الإخبارية بنفسه، سواء كانت حقيقية أو غير دقيقة، ومن هنا جاء مصطلح "أخبار الزائفة".
هذه الظاهرة ليست مقتصرة على منطقة معينة من العالم؛ إنها عالمية. ففي الولايات المتحدة، حيث يُعتبر الإعلام جزءًا حيويًا من الحياة السياسية، شهدنا كيف أثرت الثورة الرقمية على الانتخابات الأمريكية الأخيرة وكيف تأثرت ثقة الجمهور بالوسائل الإعلام التقليدية بسبب ادعاءاتها المتكررة بأنهم منحازون.
وفي أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا أيضا، يتغير المشهد الإعلامي بسرعة. فقد انخفض عدد القراء الذين يدفعون مقابل الوصول إلى المحتوى الإعلامي بحسب بيانات مؤسسة Nielsen للبحث التسويقي العالمي. كما قام العديد من الشركات الكبرى بتغيير استراتيجيتها لتشجيع الاشتراكات المدفوعة عبر الانترنت للحفاظ على ربحيتها.
بالرغم من كل التحديات التي تواجهها، إلا أن هناك فرصاً جديدة للإعلام التقليدي للاستدامة والبقاء ذات صلة بالمستهلكين. يمكن لهذه المؤسسات الاستثمار أكثر في الجودة العالية والعناصر البارزة في قصصها وعرض محتوى حصري يصعب العثور عليه في مكان آخر. كما عليها أيضاً التركيز على تقديم تجارب شخصية غنية ومتميزة للقراء عبر استخدام البيانات الضخمة وتحليلها لتحسين الخدمات المقدمة لهم.
إذا تمكنت الوسائل الإعلام التقليدية من التكيف والاستجابة للتغيرات السريعة في السوق، فلديها فرصة قوية لإيجاد موقع جديد لها ضمن المناظر الطبيعية الجديدة للاعلام الرقمي المتعدد الأوجه اليوم. ومن الواضح أنه بينما قد تتضاءل قوة تأثير بعض شرائح القطاع خلال السنوات المقبلة، فإن أخرى ستواصل الازدهار إذا وجدت طرقا مبتكرة لاستخدام نقاط القوة الخاصة بها لتقديم خدمات قيمة لجمهور متعطش لمزيد من المعرفة والحقيقة الموضوعية.