في حين أنه لا يوجد حديث صريح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترط تغطية الرأس أثناء زيارة المراحيض، إلا أن هذه العادة قد كانت معمولاً بها بين الصحابة والتابعين لاحقاً. جاء ذكر هذا الأمر في أقوال مؤرخين مثل البخاري وابن أبي شيبة الذين نقلوا عن أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قوله إنه كان يغطي رأسه بنفس الطريقة تعبيراً عن خشيته واحترامه لله عز وجل.
هذا التصرف ليس فريدة فقط على أبو بكر الصديق ولكن أيضاً تم تسجيلها لدى العديد من الرواة الآخرين بما فيها أسرة عبد الرحمن بن عامر الذي أمر أبناؤه بتغطية رؤوسهم خلال نفس الظروف. ويبدو أنها جزء من عموم الأدب الإسلامي حول كيفية التعامل مع القضايا الخاصة بالحياة اليومية بحضور الواجب الديني والحفاظ على الاستقامة أمام الخالق.
بالنظر إلى النواحي العملية الحديثة، يمكن اعتبار تغطية الرأس اختيار شخصياً يعكس الاحترام الذاتي وحفظ الكرامة الشخصية بدلاً من كونها واجباً دينياً ملزوماً. ومع ذلك، فإن القيام بذلك يعد أمراً مرغوباً به وفقاً لتفسير عدد كبير من علماء الدين الذين اعتبروه إحدى المستحبات الدينية، وذلك لأن الأصل في الشريعة الإسلامية هو التحسين والإتقان في جميع الأعمال التي نقوم بها بغض النظر عن مدى خصوصيتها.
على سبيل المثال، شرح العالم الشهير محمد بن صالح العثيمين بأن دخول الحمام بدون تغطية الرأس جائز شرعاً ولكنه استحسن تطبيق هذه الممارسة القديمة كمصدر للأدب والمكارم الأخلاقية. وبالتالي، حتى وإن لم يكن هناك دليل واضح في الحديث النبوي، فإن اتباع تلك الممارسات المتعارف عليها ضمن الثقافة الإسلامية يمكن أن يساعد المسلمون على تحقيق أعلى درجات الكمال والنبل الشخصي.
وفي النهاية، سواء اختار المرء متابعة هذه التقاليد أم لا، فهي ليست محرمة ولا مذنب فيها؛ إنها مجرد اقتراحات لطرق تحترم الذات والآخرين وتعبر عن تقديس وجود الله تعالى في حياتنا اليومية بكل جوانبها.