- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:في ظل الثورة الرقمية التي نعيشها اليوم، باتت وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية تشكل مصدرًا رئيسيًا للمعلومات للأغلبية العظمى من الناس. هذا التحول الكبير في الحصول على الأخبار والمعرفة يطرح تحديات جديدة تتعلق بحرية التعبير وتحقير الحقائق أو تضليل الجمهور عمداً عبر نشر معلومات غير دقيقة. هذه الظاهرة، المعروفة بتضليل الإعلام أو "fake news"، أثارت نقاشا حادا حول كيفية تحقيق توازن بين ضمان حق الأفراد في التعبير الحر وبين الحفاظ على صحّة المعلومة العامة وضمان عدم سوء استخدام المنابر المتاحة.
إن حرية التعبير هي قاعدة أساسية لحماية حقوق الإنسان والديمقراطية. فهي تسمح للناس بالتعبير عن آرائهم وأفكارهم بحرية، مما يساهم في تعزيز النقاش العام وتحسين المجتمع. ولكن عندما يتم تحريف هذه الحرية لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية، يمكن أن تكون لها آثار خطيرة. فقد أدى انتشار أخبار مزيفة إلى زيادة الانقسام الاجتماعي، تقويض ثقة الجمهور في المؤسسات الرسمية، وإضعاف العملية الديموقراطية نفسها.
دور المنصات الرقمية
تلعب المنصات الرقمية دوراً محورياً في هذه المشكلة. فمع ازدياد شعبية مواقع التواصل الاجتماعي، زادت أيضاً السرعة التي تنتشر بها الأخبار - سواء كانت حقيقة أم كاذبة. بعض الشركات قد جهّزت خوارزميات لمراقبة المحتوى ومكافحة الأخبار الزائفة، لكن تطبيق هذه التقنيات ليس كاملاً بسبب التعقيدات الفنية والقضايا القانونية المرتبطة بحماية الخصوصية وعدم التدخل في المساحات العامة للتعبير.
المسؤولية الجماعية
حل مشكلة تضليل الإعلام يتطلب مسؤولية مشتركة من الجميع: الحكومات والمؤسسات الإعلامية والأفراد. يجب على الحكومة وضع قوانين واضحة لتنظيم الإنترنت مع مراعاة الحقوق المدنية الأساسية مثل حرية التعبير. بينما تحتاج المؤسسات الاعلامية لتقديم محتوى أكثر تمحيصًا وشفافية فيما يتعلق بمصادره وأسلوب تقديمه. أما بالنسبة للأفراد، فنحن جميعًا مطالبون بأن نكون أكثر يقظة عند تصفحنا لأنترنت وأن نحاول البحث عن المصادر الأصلية لأخبار قبل مشاركتها.
وفي نهاية المطاف، فإن الطريق نحو خلق بيئة رقمية صحية يتطلب جهدًا متواصلًا ومتعدد الأبعاد. إنه رحلة طويلة ولكنه أمر ضروري للحفاظ على جوهر حرية التعبير والحفاظ أيضًا على دقة المعلومات في العالم الحديث.