- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:في مجتمعنا المعاصر الذي يتميز بسرعة التغير والتطور المستمر، يبرز نقاش مهم حول كيفية تحقيق توازن دقيق بين استعادة الأصالة والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية، وبين ضرورة العصرنة والانخراط الفعال في العالم الحديث. هذا التوتر بين الماضي والمستقبل يشكل تحدياً كبيراً لكثير من المجتمعات، خاصة تلك التي تمتلك تاريخاً غنياً وموروثاً ثقافياً ثرياً.
الحفاظ على الأصالة ليس مجرد أمر رومانسي أو حسرة على الأيام الخالية؛ بل هو ركيزة أساسية للهوية الوطنية والإنسانية. جذور كل شعب وتاريخه هما مصدر قوته الروحية والفكرية. إن فهم تراثنا يساعدنا على بناء مستقبل أفضل من خلال الاستفادة مما تعلمناه من تجارب الماضي. لكن هذه القيمة يجب أن تُستخدم بحكمة وتعقل، فلا يمكننا الجمود في الزمان بينما يتسارع العالم حوله. فالعصرنة ليست معركة ضد التراث ولكنها مكملة له.
على سبيل المثال، عندما ننظر إلى التقنيات الحديثة مثل الإنترنت والروبوتات، قد يبدو أنها تهدد بعض جوانب حياتنا تقليدية. إلا أنه عند النظر إليها بطريقة أكثر تحليلاً، يمكننا رؤية الفرص الكبيرة لاستخدامها لصالح بقاء واستدامة قيمنا وأعرافنا. بإمكان الأدوات الرقمية تعزيز التواصل الثقافي وتعليم الأطفال والشباب لأصولهم وفهمهم لها بأسلوب جديد ومتفاعل.
إن مفتاح حل هذا اللغز يكمن في الابتكار والإبداع. لا ينبغي لنا ترك الأمور كما هي تماما ولا قبول التغيير بحرية تامة أيضا. إنه يتطلب قدرًا كبيرًا من الذكاء والاستراتيجية لتحويل الأفكار القديمة إلى أشكال حديثة تحقق العدالة بين احترام الماضي واحتضان الحاضر.
وفي نهاية المطاف، فإن القرار النهائي يعود إلى المجتمع نفسه. فهو صاحب السلطة في تحديد الأولويات الخاصة به وكيف يريد التعامل مع دور هويته التاريخية ضمن عالم دائم التحول. ومن هنا تأتي أهمية التعليم العام والتوعية الإعلامية لأن تكون جزءاً أساسيا من العملية برمتها لتسهيل عملية اتخاذ قرار مدروس وجاد بشأن مستقبل المجتمع.