(ذكر قصة أصحاب الجنة)
قال الله تعالى : (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين).
وهذا مثل ضربه الله لكفار قريش ، فيما أنعم به عليهم من إرسال الرسول العظيم الكريم إليهم ، فقابلوه بالتكذيب والمخالفة ، كما قال تعالى : (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا https://t.co/Usq7nhKa9T
وأحلوا قومهم دار البوار جهنم يصلونها وبئس القرار) [ إبراهيم : 28 ، 29 ] .
قال ابن عباس : هم كفار قريش .
فضرب تعالى لهم مثلا بأصحاب الجنة المشتملة على أنواع الزروع والثمار التي قد انتهت واستحقت أن تجد ; وهو الصرام ، ولهذا قال : إذ أقسموا -فيما بينهم-، ليصرمنها أي : ليجدنها ، وهو
الاستغلال، مصبحين أي : وقت الصبح ، حيث لا يراهم فقير ولا محتاج، فيعطوه شيئا ، فحلفوا على ذلك، ولم يستثنوا في يمينهم ، فعجزهم الله ، وسلط عليها الآفة التي أحرقتها ; وهي السفعة التي اجتاحتها ولم تبق بها شيئا ينتفع به، ولهذا قال: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم)
أي : كالليل الأسود المنصرم من الضياء، وهذه معاملة بنقيض المقصود؛ فتنادوا مصبحين أي : فاستيقظوا من نومهم، فنادى بعضهم بعضا قائلين : اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين أي : باكروا إلى بستانكم فاصرموه، قبل أن يرتفع النهار ويكثر السؤال، فانطلقوا وهم يتخافتون أي : يتحدثون فيما بينهم خفية
قائلين : لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين أي : اتفقوا على هذا واشتوروا عليه، وغدوا على حرد قادرين أي : انطلقوا مجدين في ذلك قادرين عليه مصممين مصرين على هذه النية الفاسدة .
وقيل : وغدوا على حرد أي : غضب على المساكين .
فلما رأوها أي : وصلوا إليها ، ونظروا ما حل بها ، وما قد صارت إليه