• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  في ظل التغيرات السكانية المتسارعة التي يشهدها العالم حالياً، برز تأثير التحول الديموغرافي كأحد أهم القوى المؤثرة في المشهد الاقتصادي العالمي. هذا المقال يستكشف هذه الظاهرة العميقة الأثر وكيف يمكن لها أن تخلق فرصاً وتفرض تحديات لكل من البلدان الصناعية والناشئة.

الفرصة الواضحة: نمو قوة العمل

مع تقدم المجتمعات نحو الشيخوخة، يصبح الحفاظ على قاعدة قوية ومتنوعة للعمل أكثر صعوبة بالنسبة للمجتمعات القديمة مثل اليابان وأوروبا الغربية. ولكن الدول الأخرى تستفيد من تحولات ديمغرافية مماثلة حيث أدت إلى زيادة عدد الأشخاص في سن العمل. الصين، التي كانت ذات يوم دولة ذات نسبة كبيرة من الشباب، تشهد الآن انخفاضًا في معدل الخصوبة وبالتالي تقلّصا مطردا لسكانها الأصغر سناً. ومع ذلك، فإن هؤلاء الأفراد المدربين جيدًا والذين يدخلون سوق العمل يوفرون دفعة هائلة للنمو الاقتصادي لديها.

التحدي المنظور: التكلفة الاجتماعية لشيخوخة السكان

على الرغم من الفوائد المحتملة المرتبطة بهذه الزيادة في حجم القوى العاملة، إلا أنها تجلب أيضًا مجموعة جديدة تمامًا من التحديات المالية والإدارية. فالنسبة الأكبر للسكان الذين يتواجدون ضمن مرحلة التقاعد تعني زيادة متوقعة في تكاليف الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية - وهو عبء سوف تضعه الحكومات أمام خيار ضيق بين رفع الضرائب أو تقليص الخدمات العامة للحفاظ على الاستقرار المالي. كما قد تؤدي شيخوخة السكان أيضا إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بسبب نقص العمالة الشابة والمبدعة.

الاستثمار في رأس المال البشري

وفي مواجهة هذين الجانبين المعاكسين للتغيير الديموغرافي، هناك فرصة واضحة للاستثمار في رأس المال البشري للأجيال المقبلة. وهذا يعني التركيز على التعليم والتدريب المستمر لتحقيق الكفاءة التشغيلية القصوى وتحفيز الإنتاجية حتى عندما ينخفض ​​عدد أفراد القوى العاملة النشطة. بالإضافة إلى ذلك، تعد القدرة على جذب واستيعاب المواهب الدولية أمرًا ضروريًا لأي اقتصاد يريد الاحتفاظ بميزة تنافسية طويلة الأجل. إن خلق مجتمع شامل ومنفتح يسمح لكل شخص بالمشاركة بنشاط في الاقتصاد بغض النظر عن عمره هو مفتاح التعامل الناجح مع حقبة ما بعد الطفرة الديموغرافية العالمية.

ويجب الأخذ بعين الاعتبار بحذر شديد أنه بينما تتغير مستويات العمر والديمغرافيا داخل المناطق الجغرافية المختلفة بوتائر مختلفة، سيحتاج كل بلد إلى تطوير استراتيجيته وخلاصة الأمر الخاصة لمواجهة تحديات وفوائد انتقالنا العالمي الحالي عبر فترة حياة بشري جديد تمامًا.