- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهدت العديد من الدول العربية تغيرات سياسية كبيرة أدت إلى تحولات عميقة في بنيتها الاجتماعية والاقتصادية. هذه التحولانات شملت ثورات وانتفاضات شعبية، انقلابات عسكرية، وتغييرات دستورية، كلها كانت لها تأثيرات متفاوتة على مستوى التنمية والاستقرار داخل البلدان المعنية. سنناقش هنا بعض الجوانب الرئيسية لهذه القضية وكيف أثرت هذه التحولات على مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية واستقرار المجتمعات المحلية.
التحديات الاقتصادية بعد الثورات
بعد الثورات التي جرت بين عامي 2011 و2013، واجه عدد من الدول العربية مثل مصر وليبيا وسوريا ظروفاً اقتصادية شديدة الصعوبة. فقدان الاستقرار السياسي خلال الفترات الانتقالية أدى إلى تراجع كبير في معدلات النمو الاقتصادي، حيث انخفض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من المتوسط السابق البالغ حوالي %4 قبل الثورة إلى أقل من صفر بالمئة عقب اندلاع الاضطرابات المدنية. هذا الانخفاض كان له تداعيات خطيرة على البطالة وأسعار الغذاء ومستويات الفقر العامة. علاوة على ذلك، فإن فترة عدم اليقين السياسي المرتبطة بالانتقال الديمقراطي غالباً ما تؤدي إلى زيادة المنافسة بين الأحزاب الجديدة للحصول على السلطة، مما يزيد من احتمالية حدوث انقسامات اجتماعية واقتصادية جديدة.
تأثير العنف والصراع الداخلي
أدت عدة عوامل، منها الحرب الأهلية المستمرة منذ عقد تقريبا في سوريا والعراق بالإضافة إلى الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا واليمن، إلى تعطيل كلي لعمليات إعادة بناء البنية الأساسية والمؤسسية اللازمة لإطلاق عملية التعافي الاقتصادي. كما زاد حجم نزوح السكان داخليا وخارجيا بسبب أعمال العنف والحرب داعمين حالة الهشاشة الشاملة والتي تتطلب حلولا طويلة المدى لاعادة الاعمار وبناء السلام.
دور الحكم الرشيد والإصلاح المؤسسي
إن تحقيق العدالة الاجتماعية وضمان حماية حقوق الإنسان هما شرطيان أساسيان لتأسيس بيئة مواتية للتنمية المستدامة. إن وجود نظام حكم رشيد ومنظم يساهم بشكل فعال في تعزيز ثقافة سياسية صحية تمكّن المواطنين من المشاركة بصورة فعالة في صنع القرار الوطني. يشمل الإصلاح المؤسسي أيضا تطوير القطاعات الحكومية المختلفة وتعزيز المساءلة والشفافية، وذلك يساعد في خلق جو من الثقة بين الحكومة والشعب، وهو أمر ضروري لاستعادة الثقة وتوجيه طاقات الشباب نحو مشاريع تنموية مفيدة.
بناء القدرات البشرية والتدريب المهني
لا تقتصر القضايا المطروحة عند الحديث عن "التحول" فحسب، بل إنها تحتاج أيضاً لموازنة جهود دعم بناء قدرات الأفراد وتنمية مهاراتهم العملية والمعرفية ليناسب متطلبات سوق العمل الحديثة ومتغيراته السريعة. ينصب التركيز هنا على أهمية التعليم والتدريب التقني والمهني الذي يعمل على توسيع فرص العمل أمام الشباب ويقلل بذلك نسبة البطالة المغذية للاحتجاجات الاجتماعية وتمويل المنظمات الإرهابية.
أهمية الدعم الخارجي وقدرة الذات الوطنية
على الرغم من كون الحلول الداخلية ذات قيمة قصوى لأي دولة راغبة بإحداث تقدم مستمر، لكن تبقى الأدوار الدولية مهمة للغاية لحشد موارد مالية وفنية تساعد بدورها في دفع عجلة التطور وتحقيق اهداف التنمية الخاصة بكل بلد عربي حسب خصوصيتة الثقافية والجغرافية. لذلك، تجدر الإشارة إلي الحاجة الملحة لبرامج دولية تستند علي النهج المنطلق من منظور احترام سيادة الدولة وثوابتها بينما تساند نواياه الطيبة لتحقيق مصالح شعوب المنطقة المشتركة.