- صاحب المنشور: شيرين بن عاشور
ملخص النقاش:
في الإسلام، يعدّ التجديد جزءًا حيويًا من فهم الدين وتطبيقه. هذا ليس تحديًا جديدًا؛ فقد سعى العديد من العلماء والمفكرين عبر التاريخ لتفسير تعاليم القرآن والسنة بطرق متطورة ومتوافقة مع السياقات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة. ولكن كيف يمكن تحقيق توازن بين الاحتفاظ بتعاليمنا التقليدية والحاجة للتكيف مع عالم اليوم؟
التاريخ كمرشد
لقد شهد العالم الإسلامي فترات مختلفة من التجديد منذ عصور الخلفاء الراشدين وحتى العصر الذهبي للإسلام خلال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين. خلال هذه الفترات، كانت هناك جهود كبيرة لإيجاد حلول للمشاكل المعاصرة ضمن حدود الشريعة الإسلامية. على سبيل المثال، كان للفقيه ابن الهيثم إسهاماته الكبيرة في مجال الفيزياء والفلك وفي الطب البصري، مما يعكس القدرة على دمج العلم والمعرفة الحديثة مع التعاليم الدينية.
الإشكالية الحالية
اليوم، يواجه المجتمع المسلم تحديات جديدة مثل انتشار المعلومات غير الصحيحة عبر الإنترنت، تغير بيئة العمل بسبب التحولات الرقمية، وقضايا اجتماعية واجتماعية معقدة تتطلب تفسيرات شرعية دقيقة وحديثة. يتعين على علماء الدين والمجتمع عموما مواجهة هذه التحديات بطريقة تحافظ على القيم الأساسية للدين بينما تستجيب أيضاً للعصر الحالي.
التوفيق بين القديم والحديث
يمكن النظر إلى التجديد كعملية منهجية تشمل عدة خطوات رئيسية:
- الفهم العميق: البدء بفهم صحيح وشامل للشريعة الإسلامية والقواعد العامة التي توجّه تطبيقاتها.
- استخدام العقل: استخدام الفكر الحر والاستنباط العقلي لمعالجة المشكلات الجديدة بناءً على الأدلة الشرعية الأصلية.
- القدرة على الاختيار: اختيار الحل الأنسب من بين المناهج المختلفة الموجودة داخل الشريعة نفسها.
- الشورى: تضمين الآراء المتنوعة من مختلف المجالات الأكاديمية والدينية عند اتخاذ القرارت المهمة.
- النشر والتوعية: نشر الأفكار والممارسات المستحدثة بطرق واضحة وميسرة حتى يتمكن جميع أفراد المجتمع من الاستفادة منها وفهمها.
الأمثلة العملية
مثال واحد قد يكون في مجال الاقتصاد. لقد طور الفقهاء فكرة "الربا"، وهي شكل معروف للقروض ذات الفوائد المرتفعة. لكن في عصرنا هذا، حيث يوجد نظام مصرفي دولي معقد، يمكن التفكير في بدائل مثل المصارف الإسلامية التي تعتمد على تقاسم الأرباح والخسائر بدلاً من الرسوم الثابتة.
التوصيات
لتشجيع وتعزيز المزيد من التجديد الديني، ينبغي دعم التعليم العالي الذي يستهدف تطوير المهارات النقدية وتحليل البيانات لدى الطلاب. كما أنه من الضروري إنشاء حوار مفتوح بين المؤسسات الأكاديمية والمراكز الثقافية والإعلامية لضمان الوصول الواسع لأفضل الأفكار والإرشادات. وأخيراً، يجب تشجيع البحوث الجماعية المشتركة بين العلماء المسلمين وغيرهم ممن لديهم خبرة في مجالات أخرى مثل القانون الدولي أو الصحة العالمية أو البيئة لتحقيق رؤى أكثر شمولاً وجدوى عملية.
هذه الخطوات تعد محاولة لبناء جسر بين الماضي الزاهر للأمة الإسلامية والمستقبل المثير للإمكانات بالتزامنا بقيم ديننا الغني والثاقب.