- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:يُعدّ التعليم أحد أهم العوامل المؤثرة على التنمية الاقتصادية لأي دولة. وفي الدول العربية تحديدًا، يعتبر هذا الرابط بين التعليم والتنمية موضوعًا حاسمًا لتحقيق الاستقرار والتطور الاقتصادي طويل الأجل. تختلف مستوى الاهتمام بالتعليم وتخصيصه بالميزانيات الحكومية بين البلدان العربية، مما يؤدي إلى تفاوت كبير في نتائج التعلم والأثر الاقتصادي لهذه الجهود التعليمية. لذلك سنستعرض هنا المقارنة بين بعض الدول العربية لفحص مدى تأثير استثماراتها في التعليم على أدائها الاقتصادي.
تتميز دول الخليج العربي مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر باهتمام شديد بتطوير نظام تعليمي حديث ومتطور يستقطب أفضل العقول والمدرسين عالميًا. تتجلى هذه الرؤية الواضحة للربط بين التعليم والتنمية الاقتصادية عبر الإسراع ببناء المؤسسات الأكاديمية المتخصصة وإنشاء البنية الأساسية لدعم البحث العلمي والتكنولوجيا. وقد أثمرت تلك السياسات عن اقتصادات متنوعة ومزدهرة تستند بشدة على المعرفة والإبداع كمحركات رئيسية لها. وعلى سبيل المثال، حققت قطر قفزة هائلة في تصنيف سوثوايت العالمي للمدن الذكية منذ عام 2012 حيث تقدمت المدينة القطرية لتحتل المرتبة الثالثة عالميًا بحلول العام 2023 وفق نفس التصنيف الشهير.
التعليم والاقتصاد - حالة مصر
في حين تتمتع مصر بمؤهلات جغرافية واقتصادية كبيرة بسبب تعداد سكانها الضخم وثرواتها الزراعية والثروات الطبيعية الأخرى، إلا أنها تواجه تحديات متزايدة فيما يتعلق بنظام التعليم الذي غالبًا ما يعاني من نقص التمويل والكفاءة التدريسية غير الكافية. ورغم جهود الحكومة الأخيرة لترشيد الإنفاق وتعزيز نوعية العملية التعليمية، لا تزال هناك فوارق اجتماعية واضحة تؤثر سلبيًا على الفرص التعليمية للأسر ذات الدخل المنخفض والتي تمثل الغالبية العظمى من السكان المصريين. وينتج عن ذلك عدم المساواة في فرص العمل والحصول عليه بعد انتهاء فترة الدراسة الجامعية وما قبل الجامعية أيضا.
الدور الحيوي للتعليم في تونس وليبيا
تشترك كلٌّ من ليبيا وتونس بانخفاض نسب الأمية نسبيًا لدى عامة مواطنيهم نظرًا لمستوى مرتفعٍ نسبيًا من الخدمات التعليمية الأساسية التي توفرتها الدولة لفترة طويلة. ولكن رغم كون الليبيين يتمتعون بثقافة مكتفية تقليديًا بعيدا عن الحاجة الملحة للتدريب المهني المستمر نظراً لكون مجتمعهم ريفياً بالأصل وكان مهارات الزراعة والصناعات اليدوية تكفيه للحياة اليومية آنذاك؛ فقد ازدادت حاجتهم حاليًا للاشتراك الفعال في سوق عمل تنافسية أكثر ديناميكية وتطلب مستويات أعلى بكثير من التأهيل الوظيفي أثناء مرحلة شبابهم وخارج نطاق المدارس التقليدية أيضًا.
وفي تونس، شهد قطاع التعليم تحسنًا ملحوظاً خلال الأعوام الأخيرة مؤشرًا واضحًا لرغبات البلاد الحقيقية نحو بناء قاعدة معرفية قادرة على إدارة عملية التحول من الاعتماد التقليدي على منتجات النفط إلى اعتماد نهج مختلف يتسم بالتوجه الصناعي الحديث المُنتِج للسلع والمعارف الحديثة."