- صاحب المنشور: عبد المهيمن الغنوشي
ملخص النقاش:
في عصر أصبح فيه العالم أكثر ارتباطًا وترابطًا من أي وقت مضى، يجد العديد من الأفراد أنفسهم يواجهون تحديات فريدة فيما يتعلق بهويتهم الشخصية. يقع هذا الصراع غالبًا عند تقاطع قيم ثقافتهم الأصلية والتغيرات الديناميكية المستمرة التي تجتاح المجتمع الحديث. يسعى الشباب والبالغون على حد سواء إلى تحقيق الاستقلال الذاتي مع الحفاظ على روابط عميقة بجذورهم الثقافية والمعتقدات الدينية. لكن كيف يمكن تحقيق توازن ناجح بين هذين الجانبين؟ وكيف أثرت الهجرة وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على هذه العملية؟
التأثيرات الثقافية والتقاليد
تعكس الثقافة عادات وتقاليد المجتمع الذي نشأت فيه؛ إنها جزء حيوي من هويتنا، تقدم لنا خلفية وقصة مشتركة تربط أفرادها ببعضهم البعض وبماضيهم. بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين ينتمون لثقافات ذات جذور دينية متجذرة كالاسلام مثلاً، فإن الالتزام بالمعايير الأخلاقية والمبادئ الروحية أمر ضروري للحفاظ على شعور بالإستمرارية عبر الأجيال والحصول علي الشعور القيمي والإرشادي. تشكل التعاليم الدينية مثل القرآن والسنة أساساً لتوجيه حياة المسلمين واتخاذ القرارات اليومية الخاصة بهم. توفر هذه التعاليم إطار عمل شامل يدعم تطور الفرد ويضمن بقاء قيمه ومبادئه ثابتة حتى أثناء مواجهة تحولات اجتماعية هائلة.
تأثير العصر الرقمي والعولمة
لا شك أن الثورة الرقمية قد غيرت الطريقة التي نتواصل بها ويعرف بها الآخرون. لقد جعل الإنترنت وعالم الإنترنت عالم قرية صغيرة حقا حيث يتم تبادل المعلومات بسرعة كبيرة ويمكن الوصول إليها دوليا وعلى مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. ولكنه أيضا خلق حالة جديدة تماما من الاختلاف والثراء المتنوع للمواد الإعلامية المؤثرة والتي يمكن استخدامها للترويج لأفكار مختلفة أو تعزيز نمط الحياة الغربي بطرق ربما تتناقض مع بعض جوانب التربية الإسلامية التقليدية. وقد أدى ذلك إلى زيادة الضغط نحو المزيد من "العولمة" وانصهار الثقافات مما يشكل تحدياً كبيراً للأجيال الشابة خاصة ممن يعيشون خارج الحدود الجغرافية لبلدانهم الأم وربما لم يعد لديهم اتصال مباشر بساحات التدريس الديني المحلية الكلاسيكية.
بناء الذات والاستقلالية: الموازنة بين القديم والجديد
إن مهمة تطوير الذات ليست سهلة بأي حال من الأحوال ولكن عندما تأتي ضمن السياقات التاريخية والاجتماعية المعقدة الموجودة هنا تصبح الأمر شاق للغاية بالفعل! فمن جهة هناك رغبة جامحة لدى الشباب لاستكشاف حدود جديد واستيعاب التجارب الجديدة وتعزيز استقلالهم الخاص بينما يحاولون فهم طريقتهم المختلفة لحياة مستقلة - بعيدة كل البعد عن تلك المسارات المرسومة لهم منذ الولادة عبر التعليم النظامي داخل المنزل والمدرسة والمجتمع الأكبر حولهم . ومن ناحية أخرى ، هناك ضوابط أخلاقية وروحية راسخة لها مكانة عالية لدى معظم مجتمعاتها الأصيلة ولا يمكن تجاهلها بكل بساطة لأنها تمثل العمود الفقري لما يسميه علماء الاجتماع "الحالة الطبيعية" للسلوك البشري وهو افتراض مسلم أنه بدون وجود نظام مرجعي واضح ستحدث مشكلة حقيقية في تحديد مصداقيتها العامة وفهم قيمة اتباع مجموعة محددة من القواعد والقوانين الصارخة الواضحة الواضح المصدر والمصدر الوحيد .
وفي خضم البحث عن حل وسط مقبول وجدير بالتطبيق العملي , ظهر نهج ذو شعبية متزايدة والذي يعرف باسم النهضة الإسلامية الحديثة الحديثة Postmodern Islamic Renaissance ) ) والتي تؤكد بشدة أهمية اعطاء الأولوية للشخصانية الفردانية والتنوع الداخلي المقترن باحترام الجذر المجتمعي والأسلوب المعتاد بالإضافة الى الإقرار بأن التجربة البشرية هي عملية مستمرة ومتغيرة ومتغيرة بحكم طبيعتها الخاصة وأن إعادة النظر بمراجعة دور ديننا الإسلام