مسابقة تحفيظ القرآن والأكل المشترك: منظور شرعي وممارسة أخلاقية

الحمد لله رب العالمين، وبعد... نشرت العديد من المدارس الدينية مسابقات تشجع التلاميذ على حفظ القرآن الكريم، وفي نفس الوقت تعزز الروابط الاجتماعية داخل

الحمد لله رب العالمين، وبعد...

نشرت العديد من المدارس الدينية مسابقات تشجع التلاميذ على حفظ القرآن الكريم، وفي نفس الوقت تعزز الروابط الاجتماعية داخل المجتمع الدراسي. إحدى طرق القيام بذلك هي تنظيم مسابقة للأطعمة حيث تعد الأمهات وجبات متنوعة، يقوم بعض المعلمين بتذوقها وتقييمها، ويتشارك الجميع في تناول الطعام بدون ترك أي مخلفات، ومن ثم تُمنح الجوائز لأفضل ثلاث وصفات. بينما يبدو هذا التقليد ممتعاً ومحفّزا للسلوك الإيجابي مثل الاحترام للمعلمين وكرم الضيافة وتعزيز الصداقة بين الطلاب وأسرهم، إلا أنه يجب التعامل معه بحذر وفقاً للشريعة الإسلامية.

وفق الفقهاء الإسلاميين، لو تم دفع المدخلات المالية لهذه المنافسة من قبل الطلاب themselves -أي إن كل طالب ساهم بدفع جزء- فسيتم اعتبار ذلك نوعاً من القمار وهو محرم في الإسلام لأنه يشمل الرهان والمقامرة غير المرغوب فيهما دينياً. هدف هذه المسابقة غالبًا ما يتمثل في تقديم حافز لإعداد الطعام ودعم روح الأخوة والصداقة ضمن بيئة مدرسية صحية وتحفيز الأطفال لاستمرارية حضورهم للحلقات التعليمية. ومع ذلك، ينصح بالإشراف للتأكد من عدم دخول الغرض الخبيث منها وهو الكبرياء الزائد والفخر الشخصي والذي قد يؤدي لتحريف نوايا القلب الأصيلة.

وقد ورد حديث شريف يحظر "طعام المُتبَارِيَيْن"، ويعني الأشخاص الذين يتنافسون بالمكارم فقط ليظهروا تفوق أحدهم على الآخر بطريقة مشبوهة وغير صادقة. وهذا النوع من المنافسة غير مرغوب فيه بسبب محتواه الريائي والمنافسي المحبط. لذا، عند تنفيذ چنین المسابقات، يجب التأكيد دائماً أنها تتوافق مع المقاصد النبيلة التي وضع لها الحدث أصلاً والتي تعتبر عناصر أساسية في الثقافة الإسلامية عموماً والإسلام التعليمي خصوصاً.

وفي النهاية، يعود الأمر برمته لرعاية الأفراد ووعيهم بقصد ونية قلوبهم أثناء مشاركة أولادهم وأحبائهم بالأحداث المختلفة بما فيها تلك المرتبطة بإعداد الطعام والشرب وما إليها؛ وذلك لتجنب الانزلاق نحو الفخ الذي يغريه البعض بتغيير مساعي الخير إلى مظاهر مكروهة شرعا وعرفا.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات