روى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه بسنده الى أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها ذات يوم خسرت النبي صلى الله عليه وسلم، فعثر عليها في المقبرة وهي تقول: "أكنت تحسب أن الله قد ظلمني أنا ورسوله"، مما يشير إلى إيمان عميق وثقة مطلقة بغفران الله وكرمه. وفي هذا السياق، نقلت عائشة أيضًا عن رسول الله ﷺ أنه أخبرها بأن الله سبحانه وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا في ليلة نصف شعبان ليغفر للمؤمنين بشكل يفوق عددهم الذي يمكن عداد شعرات غنم أحد القبائل العربية القديمة مثل قبيلة كلب. رغم ضعف سند هذا الحديث كما ذكر الشيخ الألباني وغيره، إلا أنه يُظهر مدى اعتقاد الصحابيات الكريمة برحمة الله الواسعة وغفرانه الكريم.
وتوضح الرواية أيضًا موقف عائشة رضي الله عنها عندما خافت أن يكون النبي قد توجه لامرأة أخرى بسبب تأخره؛ إذ ردّ الرسول بهدوء وحكمة مؤكدًا احترام الإسلام للحياة الخاصة لكل فرد داخل المنزل. ومن خلال هذه التجربة الصغيرة، تكشف لنا الرواية جانبًا حيويًّا وملهمًا من شخصية عائشة المبنية على العقيدة القوية والإيمان الراسخ والتسامح المطلق بين الزوجين. إنها درس ثمين حول كيفية التعامل مع مشاعرنا أثناء مواجهة الظروف غير المتوقعة، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على الثقة بالنفس والثبات أمام المواقف الصعبة. وعلى الرغم من أهميتها الأدبية والفكرية، يجب دائمًا توخي الحذر عند استخدام مثل هذه الروايات المنقولة عبر الرجال فقط، حيث تعتبر تلك الطريقة أقل درجة ثبوتًا وفقًا لقواعد علوم الحديث عند المسلمين. ومع ذلك فإن جوهر القصة يبقى مصدر إلهام وفكرة تستحق التأمل والنقد البناء لإرشاد حياتنا اليومية نحو طريق الحق والخير والصلاح بإذن الله تعالى.