يعاني العديد من الأفراد مما يعرف بـ "flat affect"، وهو عدم القدرة على الشعور بالمشاعر الإنسانية الطبيعية مثل الحب، الغضب، الحزن، وغيرها. قد تبدو هذه الحالة محبطة ومربكة خاصة عندما يتعلق الأمر بالالتزامات الدينية. هنا سنوضح بكل بساطة وبشكل واضح موقف الفقه الإسلامي فيما يخص الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الاضطرابات النفسية.
وفقاً للشريعة الإسلامية، فإن الانفعال المستقر الذي يشبه "flat affect" ليس مرضاً في حد ذاته ولكنه يمكن أن يكون أحد أعراض مجموعة متنوعة من الأمراض النفسية المختلفة بدءاً باضطراب الشخصية وحتى الاضطرابات الذهانية. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن مستوى التكليف -أي المسؤوليات الشرعية- يستند أساساً إلى وجود العقل والإدراك وليس فقط القدرة على الشعور بالمشاعر.
في الإسلام، المناط للتكليف هو العقل وليس المشاعر. وفق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "(رفع القلم عن ثلاث...) عن النائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يشب والمعتوه حتى يعقل". لذلك، إذا كان الإنسان عاقل ويعرف مضمون الخطاب الإلهي، فسيكون مكلفاً بتنفيذ التعاليم الدينية سواء كان لديه شعوره الأصيلة ام لا.
بالنظر لحالتك الخاصة حيث يبدو أنك قادر على فهم وتقبل التعليمات الدينية رغم نقص المشاعر الداخلية, فإنك تبقى ملزم بالتزامات دينية أساسية مثل الصلاة والصوم وزكاة المال بناءً على آراء معظم فقهاء المسلمين باستثناء الحنفية. حيث يعتقد البعض الآخر ضمن هؤلاء الفقهاء وجوب أداء الزكاة حتى لو كنت تحت تأثير حالة ذهنية غير طبيعية أو مجنونا لفترة مؤقتة.
ختاماً، حتى وإن كانت قدرتك على الشعور بالمودة الطبيعية قاصرة، فعليك تحمل مسؤوليتك الأخلاقية والدينية بإخلاص وقدر المستطاع لأن تكليفك قائم أساساً على العقيدة والفهم العقلي وليس بناءً على الظروف القلبية الظاهرية.