يؤكد الحديث النبوي الشريف الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أهمية تحديد أولويات المرء فيما يتعلق بالعيش في هذه الحياة وبناء مستقبله الأخروي. يشير الحديث إلى أن الشخص الذي جعل اهتمامه الأكبر هو الآخرة سيجد الغنى والمعونة الربانية التي تجتمع أموره وتأتي إليه الدنيا باحترام ورغبة. أما الذي يصرف همه للدونيا فقط فقد يقوده ذلك إلى الفقر والفراغ، ولن يكون مصيره وجمع الدنيا إلا وفقاً لما كتبه الله له بالفعل. وهذا يعني أنه حتى لو بذلت جهوداً كبيرة للحصول على الأموال والممتلكات الدنيا، فإن ما كتب لك سوف تحصل عليه بغض النظر عن مدى تعبك وصعوبتك.
ويبين لنا الحديث أيضاً كيفية التعامل مع الدنيا بشكل صحيح ومناسب. يجب علينا أن نسعى لتحقيق الكفاف والاستقرار دون الإفراط في المطالب والمطامح المتجاوزة. فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول "اجملوا في الطلب"، مما يعني طلبكم للأرزاق بحرقة ولكن بحكمة وعدالة. كن مطمئناً بشأن رزقك مادامت سعيك مبني على أساس شرعي وقانوني. إن أخذ ما يحل لك ودع ما يحرم عليك هي طريق لتحقيق رضا رب العالمين والبقاء محافظاً على توازن حياتك الدنوية والأخروية.
وفي النهاية، ينبغي للمسلمين جميعاً فهم رسائل القرآن والسنة حول العلاقة بين الدين والدنيا. فتجنب الاسترسال في الشهوات والدعايات المادية ليس فقط مؤدياً للإنسان للنجاة في الآخره ولكنه أيضا يساعد المجتمع ككل ويحول دون انتشار ظواهر اجتماعية خطيرة مثل العنوسة وزيادة معدلات الجريمة بسبب الانغماس المفرط في جمع المال وتحقيق الذات بما يخالف القوانين الشرعية والقيم الإنسانية الأصيلة.