يُنظر إلى رينيه ديكارت بوصفه الفيلسوف الذي صنع "ثورة الأفكار" وفتح الباب أمام الفلسفة أن تطأ الأرض وتنزل من برجها، فالديكارتية عملية جرف شامل للسلطة العلمية وكل معايير الشرعية المؤسسة على السلطة والمعرفة والممارسة، فقد هدم ديكارت المقولات والمسلمات وغير أسلوب البشر في رؤية العالم

يشير إزرايل إلى أن "الثورة" تستلزم قطيعة فكرية حاسمة مع الماضي وتستحدث براديغمات (نماذج) تأويلية جديدة والبرايغمات هي الشبكة التصورية التي ينظر من خلالها إلى العالم، والثورة تغير حاسم في المقولات والأفكار تزيح الشبكة التصورية السابقة، وبالتالي فإن "الأفكار" وراء كل تغير في العالم

ماذا صنعت البراديغمات الجديدة مزيحة الشبكات التصورية السابقة التي امتكلت التأويل لكل ظاهرة فكرية أو طبيعية في العالم؟ وحتى نقرب المفهوم فإنه يمكن القول: إن التصورات التي تمتلكها وتفسر بها الظواهر في العالم هي الإطار التصوري الذي يؤول كل الظواهر، وعندما يدخل هذا الإطار في الترسيم

فإنه يتحول إلى إطار عام مسلم به عند جماعة تفكر رسميا بأسلوب محدد في تفسير الظواهر، ولا يمكن القول: إن هذا الإطار يعد غلطا، ولكنه يواجه توترا شديدا عندما يعجر عن تفسير الظواهر الجديدة، وبالتالي فإن البراديغم الجديد يخلق تلك التوترات في الفكر والثقافة والتعليم ويفتح المجال للثورة

ويعد "التقليد" للماضي، وطرق المحافظة عليه -كما يشير إزرايل- السياج الفعلي الذي يجعل الثورة مستبعدة بسبب رتابة النظر والتفسير والاكتفاء بالسائد والعيش بالماضي، سماها الجابري "القراءة السلفية" ويعني بها شمول كل نظرة ماضوية للعيش في الراهن في كتابه: نحن والتراث

إزرايل، ص31? https://t.co/2Z67lnVknV