- صاحب المنشور: زكية الغريسي
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم ثورة تكنولوجية عملاقة أثرت تقريباً على كل جانب من جوانب حياتنا اليومية. هذا التأثير لم يقتصر فقط على كفاءتنا العملية أو سهولة الوصول إلى المعلومات، بل امتد أيضًا إلى صحتنا العقلية. بينما يمكن للتكنولوجيا تقديم العديد من الفوائد مثل تحسين التواصل والوصول إلى العلاج النفسي عبر الإنترنت وتطوير أدوات للرصد الذاتي والصحة النفسية، إلا أنها قد تسبب أيضا تحديات كبيرة.
من الجانب الإيجابي، توفر التكنولوجيا فرصاً جديدة للعلاج النفسي عن بعد والتي أصبحت ذات أهمية خاصة خلال جائحة كوفيد-19 عندما كان الالتزام بالحجر الصحي ضروريا. المنصات الرقمية تساعد الأشخاص الذين يعانون من القلق الاجتماعي أو الخجل الزائد بالتفاعل مع الأطباء والمختصين دون الضغط الواقعي للمواجهة الشخصية. بالإضافة لذلك، بعض التطبيقات والأجهزة تعتمد على التعلم الآلي لتحليل البيانات البيومترية وتحذير المستخدم عند ظهور علامات الاكتئاب أو القلق قبل تفاقم الحالة.
ومع ذلك، هناك أيضاً وجه آخر لهذه العملة التقنية. الاستخدام المستمر للأجهزة الإلكترونية يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات القلق والإجهاد بسبب الضغوط المرتبطة بالعمل والعلاقات الاجتماعية والتوقعات الدائمة للتحديث والتواصل. كما أن وسائل التواصل الاجتماعي غالبا ما ترتبط بمستويات أعلى من المشاعر السلبية كالغيرة والحسد والشعور بالنقص بالنظر إلى الصور المثالية التي يتم عرضها. هذه العوامل مجتمعة قد تساهم في ظاهرة "الإرهاق الرقمي" - وهو شعور بالإرهاق الجسدي والعاطفي نتيجة استخدام التكنولوجيا بكثافة.
لتحقيق توازن صحي بين فوائد التكنولوجيا ومخاطرها المحتملة، ينصح الخبراء بأخذ فترات راحة منتظمة بعيدا عن الشاشات، وضع حدود واضحة لاستخدام الهاتف المحمول خصوصا قبل النوم مباشرة. كذلك تشجع مبادرات التعليم حول كيفية إدارة الوقت واستخدام الوسائل الإعلامية بطريقة أكثر صحية وبناء عادات يومية تعزز الاسترخاء والاستمتاع بالأوقات الحقيقية خارج نطاق الانترنت.
وفي النهاية، رغم كل التحديات الواضحة، فإن التكنولوجيا تقدم فرصة غير مسبوقة لتسهيل الحصول على المساعدة والدعم النفسي لعدد أكبر من الناس مما كان ممكنًا في السابق. ولكن مثل أي أداة أخرى، يتطلب الأمر فهم حكيم وكيفية استخدامه بحكمة للحفاظ على سلامتنا وأماننا العقلي والجسدي.