- صاحب المنشور: سهام الصقلي
ملخص النقاش:
### تأثير الأزمات العالمية على الاقتصاديات المحلية: دراسة حالة لبعض الدول
يتمحور هذا المقال حول التأثيرات التي تخلفها الأزمات العالمية على الاقتصاديات الوطنية. وعلى الرغم من كون هذه الأخيرة قد تكون بعيدة نسبياً جغرافيًا عن المركز العالمي للأحداث الكبرى, إلا أنها غالباً ما تتأثر بها manière غير مباشرة أو مباشرة عبر مجموعة متنوعة من القنوات الاقتصادية والسياسية والمالية. سنستعرض هنا كيفية تأثُّر ثلاث دول رائدة اقتصاديا - الولايات المتحدة الأمريكية والصين والدول العربية ككل - بالأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ وأزمة كورونا الحالية عام ٢٠٢٠ وما تبعهما من اضطرابات عالمية أخرى. كما سنناقش كيف استجابت كل دولة لتلك التحديات وكيف أثرت تلك الاستجابات داخلياً وخارجياً.
1. **الأزمة المالية العالمية لعام ٢٠٠٨**
منذ بداية القرن الواحد والعشرين, شهدت الولايات المتحدة نموا اقتصاديا متسارعا مدفوعا بقوة القطاع العقاري والتسهيلات الائتمانية. لكن هذا الزخم سرعان ما تحوّل إلى فقاعة عندما فشل العديد من المقترضين الأفراد والشركات في سداد ديونهم. أدى ذلك إلى انهيار بنوك رئيسية مثل Lehman Brothers مما دفع الحكومة الامريكية للتدخل بحزم بطرح حزم الإنقاذ الضخمة بمليارات الدولارات. رغم نجاح التدابير الحكومية القصيرة المدى في تفادي كساد أكبر بكثير, الا ان آثار الاكتئاب طالت مجالات مختلفة داخل البلاد وفي الخارج أيضا.
بالانتقال الى الصين, كانت رد فعلها مختلفاً بعض الشيء حيث لم تكن تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على الأسواق المالية العالمية آنذاك. عوضاً عن ذلك, اتجهت الحكومة الصينية نحو زيادة الطلب المحلي بإطلاق خطط وبرامج تعزيز النمو الاقتصادي الداخلي. وقد ساعد ذلك البلد البعيد جغرافياً ولكنه مهم إقتصادياً على تجنب أسوأ نتائج الأزمة الدولية.
أما بالنسبة للدول العربية كمجموعة واحدة, فقد تعرضت للاضطراب بسبب الاعتماد الكبير على صادرات النفط الخام والتي شهدت هبوطا ملحوظا خلال الفترة نفسها. بالإضافة لذلك, فإن معظم البلدان العربية تشترك عادة بتنوع أقل مقارنة بالاقتصادات الغربية والكبيرة مثل أمريكا والصين. وهذا يعني وجود قدر محدود للتنويع والاستجابة المرنة أمام الظروف المتغيرة. شكلت تداعيات الأزمة تحديًا خاصًا لهذه المنطقة إذ أجبرت الحكومات على إعادة النظر باستراتيجيتها الاقتصادية وإعادة هيكلة ميزانية الدولة.
2. **أزمة كوفيد-١٩ وتبعاتها**
تشكل جائحة كورونا حدثا فريدا آخر ألحق ضررا عظيما بالإقتصاديات العالمية كافة بدون استثناء لأي بلد مهما بلغ سوية تقدمه. عملت جميع الدول الثلاثة تحت ضغط شديد نتيجة لهذا الفيروس الجديد الذي ضرب العالم بسرعة كبيرة وبلا رحمة.
بدأت الإجراءات الأولية للحكومة الأمريكية تتمثل بالحجر المنزلي والإغلاق الجزئي للعاصمة التجارية ثم العبور للمراحل التالية حتى وصل الأمر لإغلاق كامل للمدن والمناطق المختلفة بهدف تقليل معدلات انتقال المرض. فيما يتعلق بالتداعيات السياسية الداخلية والخارجية, وجدت إدارة ترامب نفسها مطالبة باتخاذ قرارات معقدة ومتعددة الجوانب منها دعم الشركات الصغيرة المتضررة والأسر ذات الدخول المنخفض. بينما تواجه الانقسام السياسي الداخلي بشأن مدى فعالية السياسات المعتمدة وما ينتج عنها من تكلفة باهظة. أما خارجيا فتواجه انتقادات من المجتمع الدولي لاستخدام موارد الصحة العامة لصالح مصالح سياسية قصيرة المدى مثل الحصول على لقاح امن وفعال قبل الموعد الرسمي له.
وفي الجانب الآخر, لجأت الحكومة الصينية نهجا أكثر شمولا ومباشرة تجاه التعامل مع الوباء مبكرًا حيث قامت ببناء مستشفى جديد خلال اسبوع واحد فقط واستخدمته لرعاية المصابين بجائحة كورونا المستجد "COVID-19". أكدت التجربة مرة اخرى أهمية التنسيق الفعال بين السلطات الصحية وال