عندما تختار فأنت بالضرورة تتخلى عن اختيار آخر، عندما تختار شرب القهوة فأنت تتخلى عن شرب الشاي "في ذلك الوقت".
وعندما تطلب وجبة من أحد المطاعم ويطلب صديقك أخرى، قد تجد نفسك تلقائياً وبشكل لا واعي تقول له "بذوق معك" ، أو ايش رايك نتشارك في الطبقين!
هذا ما يسمى:خوف الفوات(التفويت)
كلنا ونحن صغار جربنا خوف الفوات:
أخاف أن تغيب أمي ولا تعود (فأكون فوت اصطحابها،ليتني تعلقت وتشبثت بيدها)..يبكي الصغير ويصرخ كما لو كان قد فقد أمه للأبد، ونحاول جاهدين اقناعه أنها ستعود!
تدخل محل ألعاب وتعجبك لعبتين،لكن والدك أو والدتك تقول: اختر وحده!
تأخذها وعينك على الثانية!
نكبر ويكبر معنا هذا الخوف، خوف تفويت شيء ما، شعور عميق بأن شيئاً ما قد فاتك، أو شيئاً ما قد سبقك غيرك اليه.لذلك تركض وتتعجل، تريد الحصول على كل شيء،الدنيا والآخرة،المال والشهرة والمنصب والسمعة،الزوجة الجميلة التي كلما رجعت للبيت وجدتها في أحلى طلة واستراحة الشباب حتى بعد نص الليل
لكنك بخوفك من تفويت شيء تفقد كل شيء، لا تركز بما فيه الكفاية في اختيارك ولا تستمتع به لأن جزءاً منك ما زال يتطلع لتلك اللعبة (التي تركتها ولم تأخذها).
لذلك يعاني أغلب الناس من التشتت وعدم التركيز، شركات الأدوية تقول أنها وجدت الحل!
لكن الحل ليس المنشطات، بل تنشيط العقل(الحضور)
قبل فترة زارني في العيادة طالب طب، يعاني من أعراض اكتئاب (شخص هو نفسه بتشتت الانتباه!)
- دكتور أبيك تصرف لي كونسيرتا !
الكونسيرتا هو أحد الأدوية المقيدة، لا يصرف الا بوصفة طبية خاصة.
قلت له: دعني أتأكد من التشخيص أولاً
الولد يدرس طب، وعينه على الهندسة !
