التدبر والانسجام أثناء تلاوة القرآن الكريم: بين سنة النبي صلى الله عليه وسلم وضوابطه

وردت السنّة المطهرة أحاديث عديدة تبين لنا كيفية تدبّر المصطفى صلى الله عليه وسلّم لتلاوة القرآن الكريم والتفاعل معه. ومن أشهر هذه الأحاديث ما جاء في ح

وردت السنّة المطهرة أحاديث عديدة تبين لنا كيفية تدبّر المصطفى صلى الله عليه وسلّم لتلاوة القرآن الكريم والتفاعل معه. ومن أشهر هذه الأحاديث ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- الذي رواه مسلم في صحيحه، حيث فتح النبي صلى الله عليه وسلم سورة البقرة وقراءتها حتى بلغ إلى المئة وآلاف ومائتين، وكان ركوعه كمقيامه، وقال في ركوعه "سبحان ربِّي العظيم"، كما صنع في سجوده، وفيها أيضاً طلب الرَّحمـة واستعاذة من العقوبات عند المرور بها.

يشجعنا السيوطي هنا على القراءة بتدبر وفهم عميق، قائلاً: "تسنّ القراءة بالتدبر والتفهم". وهذا يعني ألّا تكون مهتمًا فقط بترتيل الآيات ولكن فهم معناها أيضًا واتخاذ موقف تجاه وصاياها وتحذيراتها. يجب أن نشغل عقولنا بفكرة كل آية وأن نعترف بإخفاقات الماضي عندما تمر أمامه أمرتنا.

ومع ذلك، هناك حدود لذلك الانفعال الداخلي. ينصح الشيخ ابن باز بأنه ليس من المستحب مقاطعة سير القراءة بصوت عالٍ لأداء التسبيحات أو الأدعية الأخرى كرد فعل عفوي عند سماعه آيات محددة. غالبًا ما يحدث هذا خلال الصلاة، وقد يؤثر على التركيز وعلى أداء زمالك الآخرين. ومع ذلك، يُسمح بالتعبير عن المشاعر بشكل عام، مثل قول "سبحان الله" أو مشابه لها حسب السياق، طالما أنها لم تُكبّل التفاهم ولم تكن مصطنعةً.

وفي حال كانت الصلاة فريضة وجهرية (مثل المغرب والعشاء والفجر)، يكون الاستماع الأمثل للإمام أولوية قصوى وفقاً لنصوص قرآنية متعددة مثل قوله تعالى "(وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون)". لذا، يتجه معظم علماء الدين لاستبعاد إضافة أي تعبير خارج النص القرآني خلال تلك الفترة إلا عند ذكر الأسماء الحسنى أو مواضيع تتعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وفي النهاية، يجدر بنا الالتزام بالسنة النبوية وعدم تجاوز الحدود التي رسمتها دون داعٍ شرعي واضح وبذلك نحقق هدف القرآن حق التنفيذ والفائدة القصوى منه.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات