- صاحب المنشور: كوثر الوادنوني
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، تبوأت وسائل التواصل الاجتماعي مكانة مرموقة كأدوات رئيسية لتشكيل وتبادل الآراء والتوجهات الفكرية. هذه المنصات التي كانت ذات يوم أماكن للترفيه والمشاركة الشخصية تحولت الآن إلى ساحات حوار سياسي ومنبع لأفكار جديدة وآراء متنوعة. لكن كيف أثرت هذه الوسائل الجديدة على عملية تشكيل الرأي العام والقرار السياسي؟
من ناحية، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي قد زادت الوعي السياسي وتعززت مشاركة المواطنين. فهي توفر منصة مفتوحة حيث يستطيع الأفراد تبادل المعلومات والأفكار بحرية نسبياً. هذا التبادل الحر للأفكار يساعد في تعزيز المناقشات حول القضايا الحيوية ويطلع الجمهور على مجموعة أكبر من وجهات النظر. بالإضافة إلى ذلك، تسمح الشبكات الاجتماعية للمواطنين بالتفاعل مع السياسيين مباشرة وحتى الضغط عليهم لإجراء تغييرات.
ومع ذلك، فإن لها جانباً سلبي أيضاً. فقد أدى ظهور الأخبار الكاذبة والإعلانات المدفوعة وغيرها من أشكال التحكم غير الشفاف في المحتوى إلى خلق بيئة محفزة للتضليل والتلاعب بالرأي العام. يمكن استخدام الخوارزميات لتقديم معلومات موجهة أو مضللة لمجموعات سكانية محددة، مما يؤدي إلى تأجيج الانقسامات وعدم الثقة بين الجماعات المختلفة.
كما تساهم التكتيكات المستخدمة بواسطة "روبوتات" الإنترنت وأنظمة الذكاء الصناعي في زيادة حجم الأصوات المؤيدة لبعض الأيديولوجيات دون غيرها، مما يؤثر بطرق خفية وكثيرا ما تكون مستترة على الرأي العام. علاوة على ذلك، هناك مخاوف بشأن كيفية اختراق الدوائر المقربة للسياسيين وقدرتها على التأثير على القرارات الحكومية من خلال عمليات التصويت عبر الشبكات الاجتماعية.
بالإضافة لذلك، غالبا ما يعاني الأشخاص الذين يعتمدون على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على أخبارهم وقيمتهم الخاصة بتقييم دقة ونزاهة تلك الأخبار أقل مقارنة بالأوساط التقليدية الإعلامية مثل الصحافة المطبوعة أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية المتخصصة. وهذا الأمر يؤدي إلى حالة من عدم اليقين والفوضى في فهم الحقائق الأساسية والتي تعتبر أساساً للنقاش والحوار السياسي السليم.
وفي نهاية المطاف، فإن تأثير وسائل الإعلام الاجتماعية على الرأي العام ليس ثابتا ولا مستقلا تمامًا عن البيئات الثقافية والسياسية المحلية لكل مجتمع. بينما تقدم فوائد عديدة مثل زيادة الوصول والمعرفة العامة، إلا أنها تحمل أيضا تحديات كبيرة تتطلب دراسة عميقة واستراتيجيات فعالة للتغلب عليها وضمان توازن مستدام وموضوعي في المشهد الإعلامي الجديد الذي نعيش فيه اليوم.