- صاحب المنشور: علية السيوطي
ملخص النقاش:
تعيش البشرية اليوم تحديًا كبيرًا يتمثل في تحقيق الاستدامة البيئية جنبًا إلى جنب مع التحسين المستمر للوضع الاجتماعي والاقتصادي. هذا التوازن الدقيق بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية ليس مجرد قضية أخلاقية أو بيئيّة فحسب، بل هو أيضًا ضرورة حيوية لبقاء كوكبنا وتوفير حياة أفضل للأجيال القادمة. إن الهدف الرئيسي هنا هو بناء اقتصاد قوي ومتنوع يعزز النمو المحلي ويقلل التأثير السلبي على البيئة. يتطلب ذلك نهجا متعدد الأوجه يشمل سياسات مستدامة واستثمارات ذكية ومشاركين مدربين جيدا.
في قلب هذه المعادلة توجد مجموعة من المشاكل المترابطة التي تتحدى المجتمع الدولي لتحقيق توازن دقيق. واحدة من أهم تلك القضايا هي تغير المناخ الناجم عن انبعاث الغازات الدفيئة بسبب الأنشطة البشرية المختلفة مثل الصناعة والنقل والتكنولوجيا الزراعية التقليدية وغيرها. يهدد ارتفاع درجات الحرارة العالمية بتدمير النظام البيئي العالمي وإحداث تغيرات هائلة في مواعيد الهجرة للمخلوقات البحرية والحشرات البرية مما قد يؤدي لفقدان أنواع برية وبحرية كاملة ولملامح الجغرافيا الطبيعية لدينا.
وعلى الرغم من خطورتها، إلا أنه يمكن استخدام مشكلة تغير المناخ كنقطة بداية لمناقشة الفرص الواعدة لأعمال تجارية مبتكرة وخضراء ومستقبل أكثر استدامة. مثلا، هناك الآن طلب متزايد عالميا على المنتجات الخالية من الكربون والمواد الاصطناعية البديلة والأطعمة النباتية ذات التأثير المنخفض مقارنة باللحوم الحيوانية - وهو اتجاه يستجيب للعوامل الأخلاقية والصحية والسلوكية ولا يفوت الجانب البيئي أيضا.
بالإضافة لتغير المناخ، تشكل ضغوط أخرى مثل فقدان التنوع البيولوجي وانفجار ازدهار المدن والتوسع العمراني غير المدروس تهديدا مباشرا لكوكب الأرض. ومع زيادة عدد السكان وانتشار تبني نمط الحياة الحديث، نرى تناقصا ملحوظا لحواجز الرؤية والبنية الأساسية للنظم الطبيعية الأصلية والتي توفر لنا العديد من الخدمات الضرورية كالماء النقي والتربة الصحية والدواء الأولي ضد الأمراض المعدية وغير المعدية. لذلك فإن الأمر جلل عندما نتذكر بأن احتضان عادات وأساليب خضراء واعتماد تقنيات تدعم إعادة تأهيل المناطق المفتوحة وإنشاء شبكات انتقال قادرة على مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري تعد جميعها أمورا مهمة لإنقاذ مصالحنا طويلة المدى كمجتمع بشري يسعى للحفاظ على دوره الريادي والحفاظ عليه.
لتحقق تقدم نحو مجتمع عصري أكثر انسجاماً مع الطبيعة، يجب وضع سياسات تحفيز الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم للإقبال على مفاهيم الإدارة الذكية للموارد سواء كانت موارد طبيعية كالهواء والماء والمعادن والثروات الأحيائية كما ذكر أعلاه أو حتى موارد بشرية كالتشغيل والإبداع والإبتكار العلمي وذلك ضمن مخطط شامل يحترم حقوق الإنسان ويعزز مشاركة المواطنين الفاعلة في صنع القرار الخاص بمستقبلهم الوظيفي والشخصي داخل آلية سياسية واضحة المعالم وقد صدرت بالفعل توصيفاتها وتم تطبيقها ميدانيا تحت رعاية المنظمات الدولية الرائدة بهذا المجال والتي تساهم الحكومة الوطنية بنسبة كبيرة منها عبر دعم مؤسسات القطاع الحكومي المختصة بها إضافة لمساندتها للشركات الخاصة العاملة وفق توجهات مشابهة لما جاء آنفا. وفي النهاية يبقى التنفيذ المثالي لهذه البرامج شرط أساس لاتمام عملية ترسيخ ثقافة الاستدامة الاجتماعية بكل بعدها الإنساني بالإضافة لانفتاح الباب أمام الباب أمام فرص استثماريه جديده تستند لرؤى مستقبليه قائمة علي تقديس العناصر الطبيعية وضمان الحفاظ عليها لعصر جديد حين تبدأ دوران عجله التاريخ بطيئة ولكن بثبات وثبات .