- صاحب المنشور: هاجر المسعودي
ملخص النقاش:
تُعدّ العولمة ظاهرة معاصرة تتسم بتزايد الترابط والاندماج الاقتصادي والثقافي بين الدول والجهات الفاعلة المختلفة عبر العالم. هذه الظاهرة التي بدأت تكتسب زخماً بعد نهاية الحرب الباردة شهدت توسعاً كبيراً خلال العقود الأخيرة مدفوعة بالتطورات التكنولوجية المتسارعة وزيادة حيوية التجارة العالمية. لكن رغم فوائدها العديدة -والتي تشمل زيادة فرص العمل ومستوى المعيشة وتعزيز التواصل الدولي- فإن لها أيضاً العديد من الجوانب السلبية المحتملة خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على الهويات الثقافية والتقاليد الوطنية.
في هذا السياق، يبرز الجانب الثقافي كواجهة رئيسية للتأثير السلبي للعولمة. حيث يمكن أن تؤدي عمليات الابتلاع الإعلامية والأدوات الرقمية إلى القضاء التدريجي للثقافات الأصيلة وتطبيع مفاهيم جديدة قد تكون بعيدة كل البعد عما تربى عليه المجتمع تقليدياً. فعلى سبيل المثال، يشهد عدد من البلدان العربية تغييراً طفيفاً في شكل الحياة اليومية للمواطنين نتيجة لاستخدام الإنترنت واسع الانتشار والذي أدى لانتشار ثقافة الشباب الغربية بشكل أكبر مما كان متوقعاً قبل سنوات قليلة مضت. بالإضافة لذلك، أثرت سياسة تعميم التعليم بإدخال المواد الدراسية الأجنبية مثل اللغة الإنجليزية بشدة على الطلاب العرب الذين وجدوا صعوبات في الحفاظ على لغتهم الأم بسبب الزيادة المفاجئة لهذه اللغات الأخرى داخل النظام الأكاديمي محلياً.
وقد أكدت دراسات اجتماعية عدّة مدى تأثير تلك التحولات الاجتماعية الناجمة عنها والتي تهدّد وجود الخصوصيات والموروث التاريخي لأمة بأسرها وذلك عندما ينزاح اهتمام أفرادها نحو قبول مظاهر حضارية دخيلة بدلاً من الثبات والاستمرارية لما اعتادت عليه جيلا بعد جيل. وهناك مثالا آخر يتمثل باستهلاك المنتجات المستوردة بكثافة سواء كانت غذائية أو غيرها وسط رفض المواطن المنتج الوطني بسبب عدم معرفته بميزاته الجيدة مقارنة بن نظيره العالمي المشهور عالميا وهو أمر يعكس حالة نفاق ذاتية لدى هؤلاء الناس تجاه تراثهم الخاص. وفي المقابل هناك حالات أخرى ظهر فيها مقاومة قوية ضد تدفق الأفكار الجديدة والحفاظ على هوية المنطقة المنتمين إليها بحزم وصلابة مثال ذلك الشعوب الأوروبية القديمة التي تسعى بكل قوة لحماية موروثاتها الشعبية وتراثها المكتوب بل ورقصتها التقليدية وغيرها الكثير ممن يحافظ عليها بشغف شديد حتى الآن.
وعليه فإن التوفيق المثالي يكمن في تحقيق توازن صحيح بين الاستفادة القصوى مميزات العصر الحديث وبمقابل الحفاظ على بقاء عناصر الهوية الأصلانية للأمم المضيفة لمنظومة التأثيرات الخارجية الحديثة. وهذا لن يحدث بدون خلق خطاب ديني واجتماعي وثقافي واعي لرسائل الدعوة للحفاظ على الذات أمام موجة التصحر الثقافي المُحتملة مستقبليا. ومن هنا تأتي أهمية البحث العلمي الدقيق والدراسة المعمقة لتلك الآثار حول الموضوع وما يستلزمه باتخاذ قرارات حكيمة تضمن لنا القدر الكافي للدفاع والمقاومة مما يؤدي بخروجنا سالمين وعافيين من رحمة آفة اقتراب الانصهار الشامل لكل شيء تحت اسم الوحدة الإنسانية الواحدة بلا تميز ولا خصوصية أصيلة أصيلة أصيلة
وسوم HTML المستخدمة: `
` و`