- صاحب المنشور: عاطف البارودي
ملخص النقاش:
التطور التكنولوجي السريع الذي يشهد العالم اليوم له تأثيرات عميقة ومتنوعة على العديد من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وفي هذا السياق، أصبح موضوع "تأثير التكنولوجيا المتقدمة على سوق العمل العربي" موضع نقاش متزايد في الأوساط الأكاديمية والمجتمعية. حيث تشكل هذه العلاقة محوراً رئيسياً لعدة اعتبارات تتعلق بمستقبل القوى العاملة وظروفها.
تشمل تكنولوجيات الثورة الصناعية الرابعة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية وروبوتات التعلم الآلي تقنيات قد تؤدي إلى تحولات جذرية في طبيعة الوظائف وبنية مجالس الإدارة التنفيذية لسوق العمل العربية التقليدية. فمن ناحية، توفر هذه التقنيات فرصاً جديدة للإبداع والتكامل بين المهارات البشرية وأدوات ذكية، مما يمكن تعزيز كفاءة العمليات وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمستهلكين. ومن جهة أخرى، تثير المخاوف بشأن فقدان بعض الفرص الوظيفية بسبب الاستعاضة عنها بتطبيقات برمجية ذات أداء أعلى أو أسرع أو أقل تكلفة نسبياً.
على المستويين الوطني والإقليمي، تحتاج الحكومات والشركات الخاصة لدعم وتشجيع المواهب المحلية وإعدادها لتلبية الاحتياجات الجديدة للسوق المزدحم بالتقنيات الناشئة. وهذا يعني الاستثمار في التعليم والتدريب الفني، خاصة فيما يتصل بحقول البيانات الضخمة، الأمن الإلكتروني، الهندسة الكهربائية الحيوية وغيرها من المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة والتي ستكون مطلوبة بقوة مستقبلاً. بالإضافة لذلك، ينبغي تطوير سياسات عمل مرنة تستوعب التحول الرقمي وتتكامل معه عوضًا عن مقاومته؛ وذلك عبر تهيئة بيئات عمل فعالة تعزز إنتاجية الأفراد وتعطي الأولوية لأهداف التنمية المستدامة الشاملة.
في المجتمعات المحلية، ستكون هناك حاجة ملحة لإعادة النظر بالأفكار التقليدية حول قيمة بعض الأعمال اليدوية مقابل أعمال الدماغ التي يميل إليها النظام الحالي. فالوظائف المتعلقة بصيانة وصناعة المعدات الروبوتية ورعاية نظام التشغيل المركزي لمرافق عامة، تعتبر نماذج حديثة للأعمال التي كانت غائبة سابقًا ضمن قائمة اهتمام الخريجين الطموحين. وبالتالي، سيصبح توسيع نطاق المعرفة وتعليم مهارات جديدة أمراً أساسياً لاستقطاب الشباب نحو مسارات احترافية متنوعة ومبتكرة في مجال تخصصهم.
وفي نهاية المطاف، فإن تحقيق توازن فعال بين البناء الاقتصادي المبني علی اساس التقنيات المتطورة واحترام الحقوق الإنسانية والمتطلبات الأساسية للعمل سيكون مفتاح نجاح أي عملية انتقال نحو اقتصاد مبتکر يقوم علي الاعتماد علي حلول رقمية شاملة. ولذلك، يحث جميع أصحاب المصلحة - سواء كانوا حكوميين أو خاصيين أو أفراد عاديين - على المساهمة بنشاط في هذه العملية لصالح مجتمع عربي أكثر ازدهارًا واستعدادًا للتكيف مع تغيرات السوق العالمية المستمرة.