• صاحب المنشور: حسان الدين بن العابد
  
  ملخص النقاش:
  في أعقاب ظهور جائحة كوفيد-19 العالمية المفاجئة والمتسارعة، واجهت الأنظمة التعليمية حول العالم اضطرابًا غير مسبوق. تضررت المدارس وجامعات في كل قارة تقريبًا بسبب القيود الصحية الصارمة مثل الإغلاق والإرشادات الاجتماعية البعيدة، مما أدى إلى تحول مفاجئ نحو التعلم عن بعد. هذا التحوّل، رغم أنه كان ضروريًا لضمان سلامة الطلاب وأفراد المجتمع الأكاديمي، لم يخلو من التحديات المهمّة.

أحد أكبر المعوقات التي ظهرت هو عدم المساواة الرقمية بين الطلاب. يفتقر العديد من الأطفال والمراهقين في البلدان المنخفضة الدخل إلى الوصول الأساسي للإنترنت والأجهزة الإلكترونية اللازمة للدراسة عبر الإنترنت. وبالتالي، يتعرض هؤلاء الطلاب لتجاوز الفجوة التعليمية الموجودة أصلاً بشكل كبير. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمعلومات المتاحة عبر الانترنت غالبًا أن تكون مكلفة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض، مما يؤدي إلى عجز آخر في قدرتهم على المنافسة مع نظرائهم الذين يتلقون تعليمًا أكثر ثراءً ومتعدد الوسائط.

من جانب آخر، أثرت الجائحة أيضا على نوعية التدريس والتفاعل بين المعلّمون والطلاب. بينما يستطيع بعض المعلمين تجديد مهاراتهم بسرعة للتكيف والتدريس باستخدام منصات رقمية جديدة، فإن الآخرين قد يعانون لصقل هذه المهارات الجديدة. كما أنه من الصعب خلق جو تفاعلي يشجع على مشاركة الطلاب واستقلالهم داخل الصف الدراسي الافتراضي مقارنة بالمحاضرات التقليدية وجهًا لوجه.

وعلى الرغم من هذه العقبات، فقد أتاحت الجائحة أيضًا فرصاً للتحسين والاستثمار في حلول مبتكرة. مثلاً، استخدمت الكثير من الجامعات شبكات التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو لإجراء المحاضرات وتحفيز الحوار الذكي بصورة دورية ومستمرة. ومع ذلك، يتطلب تحقيق الاستقرار لهذه البدائل وجود بنية تحتية متينة للشبكة وضمانات أخلاقية لحماية البيانات الشخصية للطلاب.

وفي حين يبدو أن العودة الكاملة إلى البيئة التعلمية التقليدية ستكون مؤلمة وصعبة، إلا أنه يجب النظر بعناية إلى مستقبل التعليم ككل. إن الجمع بين أفضل جوانب التعلم المباشر والتعليم عن بعد قد يؤدي إلى نظام تعليمي مرن وخلاق ومبتكر. وهذا سيحتاج إلى دعم حكومي وتمويل واسعين لدعم هذه التحولات الضخمة وتسهيلها للأجيال المستقبلية.