- صاحب المنشور: شهد التواتي
ملخص النقاش:
استطاع الإسلام منذ نشأته المبكرة تشجيع التعليم وتقديره باعتباره ركنا أساسيا لتطور الفكر البشري. وقد برز هذا التشجيع عبر العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تؤكد على أهمية طلب العلم والمعرفة. يقول الله تعالى في كتابه العزيز: "إنما يخشى الله من عباده العلماء" (سورة فاطر، آية 28). كما ورد عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قوله بأن "طلب العلم فريضة على كل مسلم" رواه أبو داود وابن ماجه.
مع تطور المجتمعات الإسلامية وتمكينها سياسياً واقتصادياً خلال مختلف العصور التاريخية، ازدهر قطاع التعليم المرتبط بالإسلام سواء كان ذلك ضمن مؤسسات دينية كالمساجد والمدارس الدينية أو المؤسسات المدنية مثل الجامعات التقليدية والمراكز الثقافية الأخرى. لكن مع ظهور العالم الحديث والتغيرات الاجتماعية والثقافية المتلاحقة، واجه نظام التعليم المستوحى من الإسلام بعض التحديات الجديدة والتي تستدعي بحثاً مكثفاً للحفاظ على القيم الأساسية للإسلام وتعزيز العملية التعلمية وفق هذا الإطار الأخلاقي والديني الواسع.
إحدى أكبر هذه التحديات تتمثل في توافق المناهج الدراسية الحديثة مع المبادئ الإسلامية. غالبا ما تعكس تلك المناهج تأثيرات ثقافية وعلمانية قد تتناقض مع وجهات النظر الإسلامية حول مجموعة من المواضيع الرئيسية مثل الزواج والعلاقات الجنسية وأخلاق العمل وغيرها الكثير. إن ضمان انسجام المحتوى الأكاديمي مع المعايير الشرعية يتطلب جهودا كبيرة لتحقيق التوازن بين الطموحات العالمية واحترام العقيدة الإسلامية للمتعلمين المسملين.
بالإضافة لذلك، هناك قضايا متعلقة بالتكنولوجيا واستخدام الإنترنت الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من البيئة التعليمية الحالية. بينما توفر شبكة الويب عالم معلومات واسع ومتنوع للغاية يمكن استخدامه لتعزيز تعلم المثقفين المسلمين وتقديم مواد علمية متنوعة، إلا أنها أيضاً مليئة بمحتويات غير مناسبة للديانة الإسلامية والتي تحتاج لمراقبة مستمرة وتحكم لمنع الوصول إليها داخل نطاق الكليات الجامعية ذات المنظور الإسلامي.
على الرغم من وجود هذه العراقيل أمام النظام التربوي المرتكز على الإسلام، فقد حققت العديد من الدول ذات أغلبية مسلمة نجاحا ملفتا فيما يتعلق بتطبيق نماذج دراسية متكاملة تجمع بين أفضل تقنيات التدريس الحديثة ومبادئ الشريعة الدستورية المحلية بكل فعالية وبراعة عالية. ومن الأمثلة البارزة جامعة الملك عبدالعزيز بالمملكة العربية السعودية وجامعة قطر وكلية لندن الجامعية فرع دبي إلخ... مما يدل على قدرتهم على تطوير نموذج خاص بها يعمل بطريقة تراعي الهوية الثقافية والإنسانية الخاصة بهذه الأمة.
في نهاية المطاف، يبقى التحدي الكبير يكمن في البحث عن حلول مبتكرة تكفل تقديم تعليم عالي الجودة يعزز وينمي روح الانسانیتیة والقیم المشتركةبين أمم مختلفة وهو أمر ضروري لأجل بلوغ مجتمع عالمي يسوده التسامح والحوار البناء والحوار المدني والذي يستطيع فيه الأفراد تمثل هويتهم الشخصية ضمن منظومة أخلاقية موحدة قائمة علای القيم الإنسانیة الأصيلة كأساس عام یکافئ بین جميع البشر بغیر تفريق بسبب معتقدهم الخاص بهم . وهنا حيث يأتي دور المؤسسين والباحثین الذين