كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يحب زوجاته ويكن لهنَّ الكثير من العطف والإحترام. ومن بين أسماء عائشة بنت أبي بكر التي استخدمها فيها رسول الله هي "الحميراء". وهذا الاسم ليس من أجل لون شعر عائشة كما قد يفهمه البعض، ولكن بسبب معناها الأصلي الذي يعني الفتاة ذات الوجه الأبيض أو الجميل.
في العديد من الأحاديث الثابتة عن حياة عائشة رضي الله عنها، ذكر أنها كانت تحمل هذا اللقب عند الرسول الكريم. أحد أشهر تلك الأحاديث والذي وصفته بأنه "صحيح"، جاء في كتاب السنن الكبرى للنسائي وتـأويل المشكل للطحاوي، حيث رويت عن أبو سلمة بن عبد الرحمن قوله: "دخلت الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: يا حميراء! أتُحبّين أن تنظري إليهم؟ فأجبته بالنعم، وقمت معه حتى وضعت ذقني على كتفه واستندت وجنتي بخدّه".
كما أكده العديد من علماء الحديث مثل شعيب الأرناؤوط وإبن القطان وغيرهما، فإن معظم الأحاديث الأخرى حول موضوع "يا حميراء" تعتبر ضعيفة أو موضوعة. خصوصاً الحديث المنقول عبر طريق علي بن زيد بن جدعان، والذي رفضه علماء الحديث مثل الترمذي وابن معين والبخاري لضعفه وعدم وجود مصدر موثوق له.
تجدر الإشارة هنا إلى أن مصطلح "حمراء"، عندما يستعمل ضمن الثقافة العربية التقليدية، يمكن أن يشير أيضاً إلى الشخص ذي اللون الفاتح للجسد والبشرة مما يعطي تأثير جمالي جميل. هذا التشبيه مستوحى ربما من الطريقة التي تتميز بها الحمأة الطبيعية بتنوع ألوانها بين الأحمر الغامق والبني الداكن وبالتأكيد الألوان الفاتحة منها أيضًا. لذلك فإن تسميته لعائشة للحميراء ليست مجرد مسألة متعلقة بالألوان الشعرية بقدر ارتباطها بمفهوم الجمال والتوهج الداخلي والخارجي للشخص.
وفي الأخير، يجب التأكد دائماً من سلامة سند الأحاديث قبل قبول محتواها حتى لو اتفق ظاهر النصوص مع المعرفة العامة أو الصحة الظاهرة.