في مجتمعاتنا الإسلامية، يجب أن يُعامل الجميع بإنسانية وباحترام حقوقهم ومصالحهم. عندما يقوم بائعو المواد الغذائية مثل الحليب بحمل عملائهم على شراء منتجات أخرى غير مرغوب فيها مقابل الحصول على السلعة الأساسية التي يحتاجها هؤلاء العملاء بشكل ضروري - كالحليب الذي يعد مصدر غذاء أساسياً لأطفالهم خاصةً-, يقع هذا التصرّف ضمن خانة "الابتزاز" بكل تأكيد حسب العديد من علماء الدين الإسلامي.
يحرم الشرع الحنيف وضع العراقيل أمام مصالح الآخرين والاستفادة منها بطريقة تستغل حاجتهم الملحة. هذا النهج يخالف القاعدة الذهبية للإسلام والتي تؤكد حرمان الأشخاص من إيذاء بعضهم البعض وعدم اللجوء للأعمال المؤذية وفق الحديث النبوي الشريف: "لا ضرر ولا ضرار". بالتالي, فهو خطأ أخلاقيا ودينيا لاستخدام الاحتكار والتلاعب بالسوق لتحقيق مكاسب شخصية على حساب رفاهية واحتياجات المجتمع.
بالإضافة لذلك, الاعتراض الديني يأتي أيضا بسبب كون الطلب لشرائها إلزاميًا وليس خياراً طوعيا لدى البائع, مما يشكل نوعا من الإكراه المؤذي للطرف الثاني. ومعروفٌ تاريخيا أن العقود المصحوبة بالإكراه ليست ملزمة قانونا دينيا أو مدنيا بغض النظرعن كون الباعث عليها ماديا أم معنويّا . ولذلك فإن مثل تلك السياسات التسويقية تعتبر محظورة في نظام التشريع الاسلامي لما لها من تأثير سلبي كبيرعلى المواطنين وخاصّة الفقراء منهم ممن هم اشد احتياجا لهذه المنتجات الاساسية للمعيشة اليوميه للأسرة والمستقر الاقتصادي العام للدولة أيضًا.
وفي حين يبدو الأمر تقنينياً، حيث يعتبر البيع نفسه ساري المفعول طبقا لمجموعةٍ فرعية من المدارس القانونية (مثل المالكي)، الا انه بلا شك ينتهك روح التعامل الأخلاقي داخل السوق كما حددت الثقافة والفقه الاسلامى . ويجب البدائل المناسبة لتوفير العائد المتوقع بدون الاستناد الى وسائل مضللة وغير شريفة تتعارض مع القوانين والقيم الدولية والإسلامية كذلك . فعلى الحكومات التدخل لمنع هذه التصرفات المحبطة لحماية شعبها ومنع الظلم الاجتماعي وضيق ذات اليد تجاه أبنائها.