- صاحب المنشور: شاهر الفهري
ملخص النقاش:
في عصر يتسم بتسارع التطورات العلمية والتكنولوجية، يبرز دور التعليم كركيزة أساسية لبناء مجتمع مستدام ومتطور. وفي هذا السياق، يأتي الحديث حول دور الدين الإسلامي خاصة فيما يتعلق بمبادئه وتعاليمه في تشكيل نهج تعليمي متزن ومستدام. يعد الإسلام دينًا شاملًا يعنى بالحياة كلها، حيث يشمل جوانب الفرد الروحية والمعرفية والاجتماعية. وبالتالي، فإن دمج المعرفة الدينية مع الجوانب الأكاديمية يمكن أن يؤدي إلى نظام تعليمي متكامل يساهم في بناء جيل قادر على الإبداع والإنجاز في ظل القيم الأخلاقية والدينية الصحيحة.
إن التعليم في الإسلام ليس مجرد عملية للحصول على شهادات أو مهارات مهنية فحسب؛ بل هو تربية شاملة تهتم بتكوين شخصية الإنسان جمعاء. يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "
من منظور عملي، يوفر الإسلام منهجا واضحا للجمع بين الطموحات الشخصية والمصلحة العامة للمجتمع. إن الدعوة للإسلام هي دعوة لتعبئة جميع القدرات وإمكانيات الفرد لخدمة المجتمع والبشرية بأكملها وفقاً لقواعد ثابتة أخلاقياً واجتماعياً. وهذا يعني أنه بينما يجوز للأفراد السعي لتحقيق النجاح الشخصي، ينبغي لهم القيام بذلك ضمن حدود ما يسمى بالشريعة – القانون الطبيعي الذي وضعه الخالق سبحانه وتعالى والذي يقضي بحسن الظن وصلاح النوايا والحفاظ على حقوق الآخرين واحترام البيئة وغير ذلك مما جاء به الدين الحنيف.
كما يدعم الإسلام حب الاستقصاء واكتشاف الحقائق الجديدة عبر الوسائل المشروعة المتاحة. فعلى سبيل المثال، شجع الرسول ﷺ علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما قال له:"اطلبوا العلم ولو في الصين"، مؤكدا بذلك حرصه على معرفة كافة جوانب الكون وأن طلب العلم حق لكل شخص بلا أي تمييز بسبب اللون أو اللغة أو البلد. بالتالي، فإن النظام التربوي المستمد مباشرة من هذه النصوص سيكون قادراً على خلق بيئة مواتية لمشاركة أفكار مختلفة ومعارف جديدة بدون خوف من فقدان الهوية الثقافية والدينية الأصلية للإنسان المسلم.
وفيما يتعلق بالنظام الأسري أيضًا، يلعب التعليم دوراً هاماً في ترسيخ العلاقات داخل الأسرة. فالأطفال الذين يتم تربيتُهم طبقاً للقيم الإسلامية هم أكثر قدرة على احترام آبائهم وأمهاتهم كما أمر به الدين الإسلامي وكذلك فهم حقوق الأشقاء الآخرين لديهم والتفاعل الاجتماعي الواسع خارج نطاق المنزل الكبير باتباع سنته ﷺ التي تقول:"أنزلوا الناس منازلهم". ولذلك فإن مدارس اليوم تحتاج بشدة لهذا النوع من الرعاية الاجتماعية المتكاملة والتي تأخذ بعين الاعتبار الجانبين العملي والنظراني لحياة الفرد حتى تضمن لها حياة مستقيمة وخالية من مظاهر الانحراف والخروج عن الطريق الصحيح حسب اعتقاد المؤمن المطيع لله عز وجل.
ختاماً، يبدو واضحاً كيف يمكن للدين الإسلامي تقديم توجهات واضحة لكيفية تصميم منظومة تربوية مثالية تحقق هدف التنمية البشرية بكافة مجالات حياته المختلفة سواء كانت فردية أم اجتماعية أم ثقافية أو سياسية... إلخ... شرط توظيف تلك الأفكار والثوابت الشرعية بصورة مرنة تتناسب مع ظروف الزمان والمكان حتى تبقى قابلة للاستخدام والاستفادة منها رغم مرور السنوات وتغير الأحوال السياسية والاقتصادية العالمية بشكل عام وذلك يستدعي أيضا وجود قادة حقيقيين ملتزمين بثوابتهم وقادرين