- صاحب المنشور: آية الغريسي
ملخص النقاش:
تعتبر الثورة الصناعية الرابعة وتزايد اعتماد المجتمع العالمي على التقنيات الذكية أمراً غير مسبوق. ولكن مع هذا العصر الجديد تأتي تحديات ومخاوف أخلاقية ملحة. كيف يمكن تحقيق توازن آمن وأخلاقي عند استخدام هذه الأدوات؟ وهذا هو موضوع نقاشنا اليوم حول مستقبل التكنولوجيا والقيم الاجتماعية.
إن الاستفادة القصوى من تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة تتطلب فهم عميق لإمكاناتها واستخدامها المسؤول. ففي حين توفر هذه الوسائل فرصاً هائلة للتقدم العلمي وتحقيق رغبات البشر وتعزيز كفاءتهم، إلا أنها قد تشكل أيضاً تهديدات إذا لم يتم التعامل معها بحذر شديد.
على سبيل المثال، يعد خصوصية بيانات الأفراد أحد أهم القضايا التي تثير الجدل حالياً. فعلى الرغم من كون البيانات ضرورية لتفعيل الخدمات الشخصية والمخصصة بناءً على احتياجات المستخدم الفردية، فإن جمع المعلومات الحساسة وانتهاك حقوق الخصوصية يعتبر انتهاكا خطيرا لحرمة الإنسان وهويتنا كمجتمع بشري. لذلك يتعين علينا تطوير قوانين تحكم كيفية حماية معلومات الأشخاص وضمان عدم استغلالها بطرق ضارة أو غير قانونية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة الأخلاق الإسلامية عند تصميم وبناء منظومات التكنولوجيا الحديثة. فعلاوة علي حفظ حرمة النفس والكرامة الإنسانية، يأمر الإسلام بتطبيق العدالة والإحسان في تعاملاته المعاصرة وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه وعدم الظلم لأحد. لذا فالالتزام بالأعراف الدينية يشجع المختصين بالمجال التكنولوجي للعمل وفق توجيهات الشريعة الغراء لضمان سلامة المنتوج الخيري الذي يفيده الجميع فيما بعد بدون إيذاء أي فرد منهم.
وفي مجال العمل أيضًا أصبح هناك جدل واسع بشأن الآثار المحتملة للأتمتة والتغيرات التكنولوجية الأخرى على سوق العمالة وظروفها. فقد أدى ظهور الروبوتات والحوسبة السحابية إلى زيادة الطلب عليها مما يعرض الوظائف التقليدية للمزاحمة ويطرح تساؤلات حول الحفاظ علي موارد العمل المناسب لكافة شرائح المجتمع المختلفة. وهذه قضية متشعبة تحتاج لمساعدة الحكومة والصناعة سويا لدعم إعادة التدريب المهني وتوفير تدابير اجتماعية مناسبة لضمان انتقال ناعم نحو اقتصاد رقمي أكثر عدلاً وإنصافًا.
ومن الناحية التعليمية أيضا يلعب التعليم دور فعال إذ يستطيع التحول الرقمي تقديم فرص جديدة لتحسين جودة التعليم وتسهيل الوصول إليه لكل شخص مهما كانت ظروفه الاقتصادية. لكن من المهم التأكد من اختيار المواد الدراسية بعناية وفهم مدى تأثير محتوى هذه المنصات الإلكترونية وطرائق توصيله عليها ذهن الطالب وانفتاح عقله وعاطفته. كذلك ينبغي مراقبة المواقع والمصادر عبر الإنترنت للحفاظ علی أعراض المسلمين وغرس قيم إسلامية راسخة داخل نفس المتعلم منذ بداية رحلة تعلميه الأولى حتى آخر أيام حياته.
وأخيراً، إن الديناميكية المستمرة لتقنيات العالم الحديث والتي تتغير بسرعة رهيبة تستدعي مشاركة جميع أفراد المجتمع لمناقشة واقع تطبيقاتهما واختبار محدوديتها وتحديد مجالات تطبيقها المثالية لاستثمار قوة هذه الأجهزة بما يحقق مصالح الناس ويعكس روح المسئولية تجاه خلق افضل لما سيتركونه خلفهم. ولا غنى هنا عن وجود رؤية واضحة وخطة عمل محكمة تهدف إلي وضع بروتوكولات تنظيمية تضبط
