تنازل الشخص عن جزء من ممتلكاته لصالح طريق عام بهدف خدمة السكان والمارة، وهو عمل محمود يُظهر روح التعاون والتراحم بين أفراد المجتمع. إذا تم ذلك بإرادة طوعية واضحة ونية لإلحاق هذه المساحة بملكية عامة، فقد يكون لذلك آثار قانونية وتشريعية مهمة وفقاً للشريعة الإسلامية.
وفقاً للأدلة التاريخية والنصوص القانونية، عندما يوكل المرء قطعة أرض كوقف العام، سواء عبر القول أو العمل، فإنها تُخرج من ملكيته الخاصة لتكون تحت إدارة واستخدام مجتمعي. يشمل هذا النوع من التصرفات الأملاك غير القابلة للتغيير أو الإنهاء. مثال تاريخي مشهور ورد في السنة النبوية يتعلق بعمر بن الخطاب الذي قرر تحويل أرض مكتسبة إلى وقف خيري مستدام.
من وجهة النظر الشرعية، الوقف هو رابط مقدس يحفظ حقوق العامة ويضمن الاستفادة منها بشكل دائم. وعليه، فإن أي محاولة لاستعادة تلك القطعة المحولة إلى الوقف تعتبر مخالفاً لشروط التحويلي. يشدد العلماء المعاصرون مثل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين وغيره على طبيعة عقود الوقف الملزمة والتي لا يمكن إنهاؤها لأن هدفها خدمة مصالح مشتركة مقدسة.
وفي حالة القضية المطروحة، حيث قام شخص بتأجيل استخدام منطقة مؤقتاً ليصبح طريق عام، ثم حاول لاحقا إعادة تأكيد سيطرته عليها، تجيب الفتاوى الرسمية المعاصرة بأن هذه الجهود تكون باطلة ومناقضة لأغراض الوعد الأصلي. يُشدد على أهمية الاحترام للعقود الاجتماعية المقدسة وحماية المصالح المشتركة داخل المجتمع الإسلامي.
باختصار، تقديم مساهمات شخصية لدعم البنية التحتية والمرافق العامة يعد قيمة عالية في الثقافة الإسلامية. ومع ذلك، بمجرد أن يتم اعتبار شيء "وقف"، فهو خارج المجال الخاص ويتبع قوانين وقواعد مختلفة تتطلب احترام المجتمع والاستمرار المستقبلي للاستخدام العام.