- صاحب المنشور: مي المدني
ملخص النقاش:
تُعد العلاقة بين المعرفة العلمية والثوابت الدينية موضوعًا مثيرًا للجدل وموضوع نقاش مستمر. في الإسلام تحديدًا، تبرز حاجة ملحة لفهم كيفية تكامل المعارف الحديثة مع تعاليم الدين التي وضعت منذ قرون مضت. يعيش المسلمون اليوم في عالم متغير بسرعة حيث تتطور الابتكارات التقنية والعلمية بوتيرة غير مسبوقة، مما يشكل تحديات جديدة للأفراد الذين يسعون للحفاظ على إيمانهم وسط هذه الثورة المعرفية. يهدف هذا المقال إلى استكشاف طبيعة العلاقة بين العلم والدين في المجتمع الإسلامي الحديث، مع التركيز على أهمية التعايش المتناغم والتفاهم المشترك بين الاثنين لتلبية الاحتياجات الفكرية للمجتمع المحافظ والمغاير ثقافياً.
**التراث التاريخي للعلم والمرجعية الدينية**
في تاريخ الأمة الإسلامية، كانت هناك علاقة وثيقة بين العلم والمعرفة الدينية. بدأ ذلك عندما حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين على طلب العلم فقال: "طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم". وقد شكل علماء الدين عبر العصور جزءا أساسيا من الجهود المبذولة لإنتاج وتفسير وتطبيق المعارف الجديدة داخل مجتمعاتهم الإسلامية. فقد ظهر العديد منهم كأطباء وفلكيين وفيزيائيين وعالمي لغة وغيرها الكثير ممن قدموا إسهامات جليلة لمختلف حقول الدراسات وأثروا بها تأثيراً عميقاً. إن تراث القيم الأخلاقية والإنسانية الذي يتمتع به العالم العربي والإسلامي قد رسخته تلك الشخصيات البارزة والتي تركت بصماتها الواضحة حتى يومنا الحالي وعلى مستوى العالم الغربي أيضًا والذي اقتبس منه بعض مفاهيمه النظرية والفلسفية الخاصة بالعلم والمعرفة نفسها!
**معطيات عصرنا الحالي وما يتعلق بقضايا علمانية مقابل دينيّة**
بالرغم من الروابط التاريخية الوثيقة بين الإنجازات الأوروبّيه والأوروبّيه الشرقية سابقاً وبين الأسس العقائديه للدين الاسلامي, إلا انه خلال القرن الماضي شهد العالم تغييرات جوهرية أدَّت لتحولات نوعيه كبيرة حول ماهو مقبول اجتماعياً واقتصادياً وفكرياً ضمن المجتمع الدولي عامة وليس محصورة باتجاه واحد بعينه وهو الضغط نحو انفتاح واسع المدى تجاه افكار غربية ذات توجه علمانيه وحديثنه شامل تشمل جميع نواحي الحياة الإنسانيه بداية بمجالات الطب والصناعة وانتهاء باقتراح حلولا للتوترات السياسيه المستوطنة لدى مختلف دول المنطقة العربية وغيرها خارج حدودها الجغرافيه أيضا.! هنا يأتي دور المؤسسة الدينيه بتقديم شرح وافي لما يستجدونه حديثاً وفق المرجع الحره المقدسه لديها إذ يمكن وصف حالته حاليًا بأنه أمر ملزم بأخذ وجهات نظر مختلفة بعين الاعتبار عند تبني مواقف بشأن قضايا الساعة العالمية المثارة آنذاك .. فمثلاً : بينما تجد أغلب الرأي العام المؤيد لاستخدام تقنيات الهندسه البيولوجيه لغايات تحقيق اهداف نبيله مثل تطوير زراعتهم قليله الانتاج وتحسين ظروف صحه المواطن الفقير تعترض عليها شرائح أخرى بسبب تخوفاته المرتبطه بسلوكيات أخلاقيه محتملة لو تم تطبيق تلك العمليات بدون رقابه شرعية مناسبة . وهكذا توضع مصالح الدول المختلفه امام اختبار وصاية النظرة الدينية لها حينما تصبح مجتماعاتهما أكثر ارتباطاً اقتصادياً وثقافياً ببعضهما البعض كما هو حاصل بالفعل بحكم اتفاقيات تجارية اقليميه ودولتية متنوعه المصدر والشريك التجاري داخل نطاق الاقتصاد العالمي الموحد ! لذلك فإن فهم الواقع الجديد واتخاذ القرار المناسب له ليس بالأمر الهين خصوصاً وان كان ينطوي علي مخاطر مرتبطه بالحساسيات الاجتماعية والقانون الدستوري الخاص بكل دولة حسب دستوريتها الداخليه وهي ايضا قضية حساسة للغاية تحتاج لحكمة ومعرفة