- صاحب المنشور: مروة القاسمي
ملخص النقاش:
تُحدث الثورة التكنولوجية رقميًا تغيرات عميقة ومستمرة في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وفي مجال التعليم تحديداً، تُعتبر هذه التأثيرات واضحة وملحوظة بدرجة كبيرة. حيث أدخل استخدام الأجهزة الذكية والبرامج الإلكترونية والمعرفة المتاحة عبر الإنترنت تغييراً جذرياً إلى الطريقة التي يتلقى بها الأطفال والشباب تعليمهم ويستوعبونه ويتفاعلون معه. هذا التحول الذي أصبح معروفاً باسم "التعلم الرقمي" أو "التعليم الالكتروني"، يطرح العديد من القضايا المثيرة للنقاش حول مستقبل التعليم التقليدي وكيف يمكن لهذه التكنولوجيا المساهمة فعلياً في تحقيق غايته الأساسية والتي تتمثل بتطوير المهارات المعرفية والإبداعية لدى الأفراد وتنميتهم كأفراد صالحين قادرين على مواجهة تحديات الحياة المستقبلية.
في البداية، يجدر بنا تسليط الضوء على الفوائد العديدة التي قدمتها تكنولوجيا المعلومات الحديثة للمجال التربوي. فقد سهلت وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الاتصال المختلفة تبادل المعارف والتجارب بين الأفراد وبناء شبكات معرفية واسعة الانتشار. كما أتاحت تطبيقات التعلم الآني مثل ClassDojo وKahoot! فرصا أكبر للتفاعل المباشر والتنافس الشريف مما يُحفز الرغبة الذاتية للاكتساب الدائم للمعارف الجديدة والمُثابرة عليها لتحقيق أعلى الدرجات. بالإضافة لذلك، توفر مكتبات الكتب الإلكترونية العملاقة كموقع Project Gutenberg فرص الوصول بلا حواجز لعدد هائل من المؤلفات العالمية القديمة والمعاصرة. أخيراً وليس آخرا، فإن وجود حلول مبتكرة لتقييم ومعالجة البيانات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل برنامج Khan Academy's Adaptive Learning قد عزز قدرة المؤسسات التعليمية على تصميم خطط دراسية شخصية أكثر تلاءما مع احتياجات كل طالب فردياً وفقًا لقدراته الخاصة واستيعابه للمادة العلمية.
غير إن الجدل الأكبر ينشأ عند النظر في عيوب وطرق تجنبها لاحتمالية انحياز نظام التعليم الحالي نحو التركيز الزائد على المنظور الكمِّي لعملية التدريس؛ أي تقدير حجم المواد الدراسية المكتسبة عوضًا عن جودة فهمها وفائدة تطبيقها العملية للحياة اليومية للأطفال والكبار كذلك. كذلك يشكل تأثير مضادات التشتيت العقلي الناجمة عن الاستخدام المطول لأجهزة الهواتف المحمولة والألعاب الترفيهية تهديدا مباشرا لإنتاجية وقت الفصول الدراسية داخل المدارس الحكومية والخاصة على حد سواء. علاوة على ذلك، هناك مخاوف جدية بشأن تعرض الطفل المبكر للسلوك العنيف والدعايات التجارية المخلة بالأخلاق الحميدة أثناء تصفح مواقع الأنترنت بدون اشراف كامل من قبل ذويهم أو أفراد العائلة لهم الحق الشرعي في تربيتهم وتعليمهم بالقوانين الإسلامية والقيم الأخلاقية الأصيلة.
وفي الأخير، فإنه رغم مزايا تكنولوجيا المعلومات الواضحة لفائدة عملية التعليم الحديث إلا إنها تحتاج أيضا لرعاية صحية ممنهجة تضمن توازن العلاقات الإنسانية وصيانة قيمة الوقت وجهوده الشخصية لكل واحد من طلابنا الأعزاء حتى يتمكنوا حقا من بناء مستقبلهم بنعم الله سبحانه وتعالى ثم بتخطيط مشاريع حياتهم بإتقان واحترام متبادل لبناء مجتمع أفضل يستحق العيش فيه بحسب أوامر دين الإسلام الحنيف.