دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب: فضلها وأثرها

الحمد لله. دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب هي من أعظم أسباب استجابة الدعاء، وذلك لما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في "صحيحه" (2732)، من حديث أبي

الحمد لله. دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب هي من أعظم أسباب استجابة الدعاء، وذلك لما جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم في "صحيحه" (2732)، من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من دعا لأخيه بظهر الغيب، قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل".

معنى "بظهر الغيب" يعني في غيبة المدعو له، والسر في استجابة الدعاء لمن دعا لأخيه بظهر الغيب هو الإخلاص والبعد عن الرياء والسمعة. عدم إعلام المدعو له دليل صدقه وصحة قصده، وأنه لم يقصد بذلك شيئا من حظوظ الدنيا. لذا اشترط أن يكون الدعاء بغيبته، وكذا لو كان حاضرًا لكنه لا يسمعه.

يشترط لحصول الأجر المترتب على ذلك عدم علم المدعو له الذي يظهر أن شرط الحصول على الأجر المترتب على الدعوة للغير، ودعوة الملك للداعي بمثل ما دعا لأخيه: أن يكون ذلك بحيث لا يعلم المدعو له بدعوة الداعي. وينبغي أن يستمر على ذلك، ولا يدعو بظهر الغيب، وفي نيته أن يعلم أخاه أنه قد دعا له. لكن الظاهر أن الدعوة إذا مضت على ذلك، ولم يكن في نيته أن يعلم أخاه بذلك، ولا أن يظهر عمله لغيره، ثم عرض له مصلحة شرعية راجحة، تغلب جانب إعلام أخيه بهذه الدعوة؛ فالذي يظهر أن ذلك لا يقدح في إخلاصه، ولا أنه يحرمه من دعوة الملك له؛ لأنها مضت على الإخلاص، فلم تحبط بما عرض من الإخبار، لا سيما إذا لم يكن الداعي إليه المن على المدعو له، أو طلب مكافأته، ولو بدعوة مثلها، أو الرياء والسمعة.

في الختام، يتبين أن شرط الاستجابة هو ألا يعلم المدعو بدعاء أخيه له، بل يكون في غيبته وعدم حضوره، وإن كان حاضرا كان في سره دون أن يسمعه. فلو أعلمه لانتفى الشرط، وكل هذا ليكون الحامل على الدعاء الإخلاص وصحة القصد، دون أي حظ من حظوط الدنيا.


الفقيه أبو محمد

17997 وبلاگ نوشته ها

نظرات