- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
مع تزايد عدد الشباب الذين تشكلت بينهم الوعي السياسي والاهتمام بالقضايا العامة، يبرز دورهم المتنامي كقوة مؤثرة في المشهد السياسي العربي. يشهد العالم العربي تحولات ديموغرافية مميزة تتمثل بنسبة عالية من السكان تحت سن الثلاثين. تجسد هذه الظاهرة فرصة سانحة لإحداث تغيير جذري وطرح رؤى جديدة تستجيب لتطلعات الأجيال الجديدة وتلبية احتياجاتها الملحة مثل تعزيز المساواة والعدالة والديمقراطية ومكافحة الفساد وغيرها الكثير مما يستوجب مراعاة وجهات نظر مختلفة ومتنوعة لضمان تمثيل عادل وشامل لكافة شرائح المجتمع.
تعكس البيانات والأبحاث الحديثة مدى الاندماج الثقافي والتقني الذي حققه الشباب العرب؛ حيث يلعب التواصل الرقمي دوراً حاسماً في توجيه آرائهم وتعزيز قدرتهم على التنظيم وإنشاء شبكات داعمة لمبادرات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والعالمية أيضا. ثمة تحديات رئيسية تواجه مشاركة هؤلاء الناشئة سياسياً، منها عزوف بعض الحكومات عن منح حقوق سياسية كاملة لأبنائها الأصغر عمراً بالإضافة للتحديات المرتبطة بتعميق ثقافة الاستبداد والاستيعاب والاختراق الأمني للحركات المدنية والنقابات المنظمة للناشطين السياسيين ممن هم أقل من ثلاثين عاما وذلك بسبب المخاطر المحتملة التي قد تمثل تهديدا للأمن القومي حسب زعم تلك الجهات الرسمية الحاكمة.
ومن جهة أخرى، تسعى العديد من الحملات الإلكترونية والحملات الطلابية خلال السنوات الأخيرة لتوسيع نطاق حضور الشباب وتأثيره داخل المجالس التشريعية والمؤتمرات الدولية ومنابر الإعلام الرئيسية عبر وسائل الإعلام البديلة والتي سهلت الوصول إلى جمهور واسع وبناء مجتمع افتراضي عالمي متعدد اللغات يساهم بشكل فعال في نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والقضاء على كافة أشكال التهميش الاجتماعي والثقافي والفكري.
ومن الجدير ذكره هنا مثال بارز وهو الربيع العربي عام ٢٠١١ والذي برز فيه دور المواطن العادي بشدة مقارنة بالمسار التقليدي المعتمد سابقاً -أي الاعتماد الكبير نسبياً علي الأحزاب السياسية التقليدية وأقطاب نفوذ تاريخيون-. لقد شكل هذا الحدث علامة فارقة مفصلية اتسمت بإطلاق الشباب للعنان لكل طموحاتهما والتأكيد على أهميتها البالغة مقارنة بالمراحل التاريخية الأخرى ذات الصراع الطبقي الواضح والمعروف باسم "الحرب الثورية".
ختاما لن يتحقق حلم بناء مستقبل أفضل إلا بانخراط جيل جديد يحمل معه أفكارا مبتكرة ويستفيد من التجارب والتكنولوجيا المعاصرة لتحقيق غاية سامية وهي تقرير المصير واستعادة الهوية العربية وإرساء دعائم دولة مدنية عصرية مبنية على قواعد العدالة والمساواة والكرامة الإنسانية.