- صاحب المنشور: آمال بن موسى
ملخص النقاش:
تعكس العلاقة بين الإسلام والعلوم الحديثة نقاشا مستمرا منذ قرون وتزايدت أهميتها مع تقدم العالم الحديث. يرى بعض المؤرخين والباحثين أن هناك تناقضا حتميا بين تعاليم الدين وصورة العلم المعاصرة، بينما يشير آخرون إلى توافق عميق يمكن استغلاله لتعزيز نهج شامل ومتوازن. يستكشف هذا التحليل هذه المسألة المركبة، موضحا كيف تطورت وجهات النظر عبر التاريخ وكيف تكيف المجتمع المسلم مع التغيرات الفكرية والعلمية.
في أعقاب انهيار الدولة الإسلامية الكلاسيكية وانتشار الحداثة الأوروبية، بدأ الغرب ينظر للإسلام على أنه يعارض العلمانية والفلسفة التجريبية - وهي الأفكار التي كانت رائدة للتطورات العلمية اللاحقة. وقد عززت أدبيات عصر النهضة والمفكرين الإصلاحيين مثل محمد عبده وإبراهيم اليازجي هذه الصورة المبسطة التي وصفت المسلمين بأنهم متخلفون علميًا بسبب ارتباطهم بالماضي والتقاليد الدينية. لكن هل يعكس هذا الرأي الواقع حقًا؟ دعونا نستكشف الجذور المتشابكة لهذا الحوار طويل الأمد.
جذور التقارب والحواجز المعرفية المبكرة
يُعترف بالإنجازات الهائلة للعصر الذهبي الإسلامي كدليل قاطع على قدرة التعايش بين العقيدة والدراسات العلمية. خلال تلك الفترة الزاهرة (800-1250 ميلادية)، بلغت الترجمات العربية للمكتبات اليونانية القديمة ذروتها وأدت إلى ظهور مدارس فكرية ثرية تشمل الرياضيات وعلم الفلك والكيمياء وغيرها الكثير. ساعد انتشار المصطلحات اللاتينية المستمدة من الأصل العربي في ترسيخ مكانة هؤلاء العلماء المسلمون ضمن تاريخ البحث العالمي الأكاديمي. ومع ذلك، فإن انقطاع التواصل الثقافي بعد سقوط بغداد عام 1258 وما أعقب ذلك من محاولات إعادة بناء مؤسسات التعليم والبحث داخل أوروبا أدى تدريجياً لفترة جمود معرفي نسبية عانى منها العالم الإسلامي مقارنة بنظيره الغربي.
مرحلة الاستعمار وآثارها النفسية والاجتماعية
زاد التدخل السياسي للغرب واستمراره لعصور طويلة من شعور الشعوب المحلية بأن ثقافتها مهددة ويجب الدفاع عنها ضد أي تأثيرات خارجة عنها مما زاد من حالة الانغلاق الداخلي وترسيخ الأساطير حولSuperiorityالغربية ومفاهيم عالميه للعلم والمعرفة ذات أصول غير مسلمة والتي لم يعد بإمكان الجميع تطبيقها بسهولة بدون مراعاة اختلاف السياقات الاجتماعية والثقافية لكل مجتمع حسب معتقداته وقيمه الخاصة به وهذا ما يسمى "بالعلم المقنّى" وهو مصطلح اقترحه الدكتور أحمد شوقي أبو غالي للدلالة علي تلك الظاهرة حيث يتم اختزال موضوع ما إلي نصوص وصفاتها مجردة بعيدا عن سياقه الأصلي ويتجاهلون بذلك تأثير البيئة والأحوال العامة للناس الذين تم إنتاج نتائج دراسة الموضوع منهم وبالتالي فان فهم دقيق لهذه الدراسات يتطلب فهماً لسياقها الأول والذي قد يؤدي لقراءة أخرى للأحداث أو للموضوع نفسه تماماً كما حدث عند ترجمة الكتاب المقدس حيث اختلف القراء بحسب الخلفيات المختلفة لهم سواء كانوا مسلمين ام مسيحين ام Jews ..الخ .وتبعاً لذلك فقد ظهرت نماذج مختلفة لما يعرف اليوم باسم "التحديث المنفصل".
##### منظور حديث نحو علاقة دين وفلسفة
وفي الآونة الآخيرة، سعى العديد من المفكرين المسلمين لاستعادة الروابط الوراثية الضائعة بين تفاسير القرآن والسنة وبينهما وبين مجالات بحث متنوعة تتعلق بطبيعتنا البشرية وصفاتها الحيوية بالإضافة لتجاوز حدود الفروع الفصلية للنظم الفلسفية المعروفة لدى علماء المسلمين القدامى تحت مظلتَي التصوف والإشراق وذلك بهدف تبني منهج شمولي أكثر انسجاماًمع روح الدعوة الإسلامية. ومن بين أشهر أعلام الاتجاهات الجديدة سعد الدين التفتازاني الذي كتب كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، وكذلك ابن خلدون وابن رشد وابن باجة وغيرهم ممن حاولو توضيح مدى مناسبة علوم زمانهم لأهداف رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم وهذه أيضا قضية تستحق مزيدا من البحث والنقد البناء لإعداد أرض خصبة لصياغة رؤية مشتركة أخيرا تستوعب مميزات كل طرف وفوائده المحتملة المُتبادَلَة