- صاحب المنشور: حياة بوزيان
ملخص النقاش:
تشهد البلدان العربية تحولا اجتماعيا عميقا بسبب تزايد تفاعل الشعوب المختلفة ثقافيا واجتماعيا. يتضمن هذا التحول التنوع المتنامي للأديان والمذاهب والمعتقدات الدينية الأخرى إلى جانب الجاليات الوافدة من مختلف دول العالم. يعتبر تعدّد الثقافات ظاهرة عالمية إلا أنها تأخذ منحى خاصا ومميزا داخل المنطقة العربية نظرا لخصوصيتها السياسية والثقافية والتاريخية المشتركة بين معظم الدول الأعضاء بها عدا بعض الاستثناءات القليلة مثل السودان وجزر القمر. ومن هنا يمكن النظر لهذا الموضوع عبر عدسة متعددة الزوايا لتقييم مكاسبه وخسائره المحتملة على المدى الطويل بالنسبة للعرب كمجتمع موحد تجمعهم روابط دين وثقافة مشتركة.
في البداية، يعد التعايش السلمي بين المختلفين إحدى القيم الإنسانية الأساسية التي تؤكد عليها الشريعة الإسلامية والتي كانت وعلى مر العصور سببا رئيسياً لاستقرار مجتمعاتها وتعزيز الوئام الاجتماعي لديها. وقد استطاعت تلك المجتمعات خلال فترة طويلة الحفاظ على هويتها الخاصة وسط بحر متنوع ومتعدد الأديان والمذاهب والأعراق مما يشكل دليلا عمليا ناصعا على قدرتها الفريدة للإندماج والتكيف مع الظروف الجديدة دون المساس بوحدة كيانها الداخلي واستقلال قرارها الوطني الحر بعيدا عن أي تدخل خارجي ضار لمصالح الآخرين التجارية أو الأمنية. وفي الوقت الحالي أيضا توفر رؤية الإسلام المتسامحة غطاء شرعي قوامه الاحترام المتبادل والقوانين الموضوعية للحفاظ على حقوق الأقليات الدينية وغيرها من فئات المجتمع الضيقة كالنساء والشباب ذوي القدرات الخاصّة الذين يحظون برعاية كبيرة من قبل الحكومة والدولة كمؤسسات رسمية تسعى دوما لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين مستوى المعيشة لهم جميعاً.
إلا أنه رغم كل الإيجابيات المبهرة اعلاه هناك عدة تحديات أخرى تواجه هذه التجربة الرائعة وهي تتمثل أساسا فيما يلي:-
1- خطر اختفاء الهوية الأصلية للمجتمع المضيف تحت وطأة الموجة الواردة إليه من أفكار وممارسات مختلفة تمام الاختلاف عن طابعه التقليدي الأصيل والذي ربما يؤثر بالسلب الكبيرعلى موروثاته التاريخية الغنية المتأصلة بجذور العقيدة والإرث الروحي والعادات والتقاليد المحلية المؤمنة بقوة بقيم الدين الإسلامي وأهداف رسالات الانبياء السابقين لدينا. 2 - زيادة حدّة العنصرية والكراهية تجاه هؤلاء الوافدين بحجة دفاع غير مجدٍ عن خصوصية المعتقدات الدينية العاملة حاليًا ضمن حدود البلاد العربية وهو الأمر الذي يدفع باتجاه خلق أجواء مشتعلة مليئة بالتوتر السياسي والفكري ويسبب زعزعة للاستقرار العام. لذلك يجب العمل جاهدين لإعادة بناء جسور الثقة والحوار المفتوح وبناء جسور التواصل وإقامة حلقات نقاش مفتوحة تشمل الجميع بدون فرض نوع واحد من أنواع الرأي بل ترك حرية اختيار لكل فرد لاتباع منهج تفكيره الخاص بشرط عدم الإضرار بأقرانه ممن اتفقوا معه سابقًا حول معتقد محدد أو مذهبي معلوم معروف لدى عامة الناس منذ القدم ولم تتغير جذوره حتى اليوم. 3 - فقدان الشباب العربي لحاسته الانتماء للوطن الأم لديهم نتيجة انسياق بعض شبابنا خلف مطبات الحياة الحديثة وعصرنة المفاهيم المغلوطة عنها والتي تضليلتهم نحو قبول مظاهر غريبة تبدو جديدة عليهم الآن ولكن سوف يتم رفضها مستقبلاً إن حدث تغييراً مفاجئا لصالح عودة القيم القديمة بالأصل مرة ثانية بعد زوال التأثير السلبي لما يسمى عصر العولمة بكل سلبياته بالإضافة لأثار الجهل ونقص التعليم المناسب سواء للدين أو الوطن .4– قد تصبح ملاذ لأصحاب الأعمال الخطرة خاصة تجارة المخدرات والجرائم المنظمة والدعارة والإغتيالات السياسية وهذا سيضر جدا بتنمية الاقتصاد الوطنية حيث ستكون هنالك خسائر اقتصادية هائلة جرّاء ذلك كرد فعل طبيعي لما يحدث بالفعل داخل العديد من المناطق المجاورة ذات الطبي