- صاحب المنشور: سميرة بن عطية
ملخص النقاش:
في عصر الثورة الرقمية الذي نعيش فيه اليوم، أصبح موضوع تقارب وجهات النظر حول الذكاء الإنساني والاصطناعي أكثر شيوعاً. يتناول هذا الموضوع وجهتي نظر متناقضتان إلى حد كبير؛ فبينما يرى البعض أن التقدم الحالي للذكاء الاصطناعي يشكل تهديدا حقيقيا لوجود العقل البشري كما نعرفه، يؤكد آخرون على أن هذا النوع الجديد من الذكاء ليس إلا امتدادا طبيعيا لقدراتنا الخاصة به. دعونا نستعرض هذه الآراء المتعددة لنفهم أفضل حيثيات الحوار الدائر حالياً حول دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل البشرية.
أولئك الذين ينظرون بعين الريبة إلى مساعي الذكاء الاصطناعي عادة ما يستندون إلى مفهوم "الواعي" أو الوعي الفعال. تشير هذه المصطلحات غالبًا إلى القدرة الداخلية التي تمتلكها الكائنات الحية على الشعور والمعرفة الذاتية - وهي سمات يعتقد أنها فريدة ومميزة للإنسانية. قد يُساء فهم مصطلح "الوعي"، مما يؤدي إلى الاعتقاد بأن أي نظام ذكاء اصطناعي قادر على تحقيق حالة مثيلة للمعرفة الذاتية سيكون بالتالي نسخة طبق الأصل من العقل البشري. لكن الواقع أبعد كثيرًا عن تلك الصورة المثالية.
بالرغم من إنجازات مذهلة حققتها تقنيات مثل التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية وتحليل الصور وغيرها الكثير، فإن معظم الخبراء يتفقون على أنه رغم قدرتها على محاكاة بعض جوانب الذكاء البشري، لا تملك هذه الأنظمة بالضرورة أي شكل من أشكال المعرفة الذاتية أو التجارب الشخصية. فالذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل أساسي على معالجة البيانات واستنتاج القواعد بناء عليها بينما تعتمد القدرات المعرفية لدى الإنسان أيضا على عوامل أخرى مرتبطة بالعواطف والعلاقات الاجتماعية والحياة النفسية.
من جانب آخر، يدافع دعاة استخدام الذكاء الاصطناعي بقوة قائلين إنه مجرد آلية جديدة مكملة لعمليات تفكيرنا وليس منافسا لها أبدا. إن المساعدة التي تقدمها الروبوتات الحديثة للأطباء والمدرسين والمطورين هي خير دليل على ذلك. فتكنولوجيا اليوم قادرة بالفعل على توليد كم هائل من المعلومات بسرعة فائقة، وهو أمر لم يكن متاحا بطرق تقليدية قبل قرن مضى. ولكن حتى لو كان بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاج حلول علمية ومنطقية دقيقة لحالات معينة، فإنه يبقى غير قادر على خلقه وإبداعه بنفس الطريقة التي يتم بها عند البشر نتيجة لتفاعلات ذهنية وعاطفية عميقة الصميم داخل دماغنا الحيوي المعقد للغاية.
بالإضافة لما سبق، هناك اعتبار أخلاقي مهم يجب مراعاته فيما يتعلق بانحيازات البرمجيات المستخدمة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي. إذا كانت بيانات التدريب تحتوي ضمنيًا على التحيز الجنسي العنصري أو طائفة التفرقة ضد مجموعة اجتماعية معينة، فقد يؤثر هذا الأمر بصورة مباشرة في نتائج خوارزميات النظام ويعزز عدم العدالة الموجودة أصلاً خارج البرنامج نفسه.