- صاحب المنشور: رنا العسيري
ملخص النقاش:
في مجتمعنا المعاصر الذي يشهد طفرة تقنية وتقدمًا علميًا غير مسبوق، يبرز دور الدين كمرجع أخلاقي وإرشادي. فالتكنولوجيا الحديثة التي تسهل تواصلنا وتعزيز رفاهيتنا يمكن أيضاً أن تشكل تحديات تتعلق بالقيم والآداب الإسلامية. هذا المقال يناقش كيفية تحقيق توازن بين الاستفادة المثلى من الابتكارات التكنولوجية والحفاظ على هويتنا الإسلامية وقيمها.
تُعدّ التقنية محركًا رئيسيًّا لنمو الاقتصاد العالمي وتمكين الأفراد من التواصل الفوري حول العالم. ولكن تحسبا للعواقب المحتملة لهذه الثورة الرقمية، فقد حثَّ الإسلام منذ القدم المسلمين على النظر بعناية لما يجري حولهم واتخاذ القرارات بتروٍ وبأخذ الربانيين والأخيار مثالاً لهم (سورة النساء آية ١٥٩). يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" رواه البخاري ومسلم. لذا فإن استعمال هذه التقنيات الجديدة يتطلب فهماً عميقاً لنوايا استخدامها وما إذا كانت تخدم مصالح دنيوية أو دينية أم أنها قد تؤدي إلى انحرافات تضر بمصلحة المجتمع والدولة والدين.
تأثير وسائل الإعلام الاجتماعي مثلاً حيث باتت جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، فهو موضوع حساس يستحق دراسة مستفيضة. إن القدرة الهائلة للدعاية والإعلام عبر الإنترنت لها تأثير مباشر على عقليات الناس وأفعالهم وقد يؤثر ذلك بشدة سواء بالإيجاب أو بالسلب بناءً على طبيعة المحتويات المنشورة والمستقبل عليها. لذلك يجب التأكد دوماً من مطابقة محتوى مواقع التواصل مع الضوابط الشرعية لتجنب أي آثار ضارة محتملة مثل انتشار الأخبار الكاذبة أو التحريض على العنف وغيرهما مما يخالف تعاليم الإسلام الحنيف.
بالإضافة إلى المخاطر الأمنية المعلوماتية، تعد خصوصية بيانات المستخدم قضية أخرى ملحة تحتاج لمزيد اهتمام خاصة وأن بعض شركات التكنولوجيا العملاقة لديها سياسة عدم الشفافية بشأن سياساتها المتعلقة بحماية البيانات الشخصية للمستخدم النهائي. وهذا الأمر له تداعيات اجتماعية واقتصادية كبيرة وهو ما يدعم أهمية لعب دور فعال ومراقبة دقيقة لمنع سوء استخدام تكنولوجيات متقدمة للأغراض الخبيثة والتي قد تشمل التجسس وانتهاكات حقوق الملكية الفكرية والجرائم الإلكترونية الأخرى.
ختامًا، يساعد فهم الأمور جيداً قبل اتخاذ قرارات بشأن اعتماد تكنولوجيات جديدة في تحقيق المصالح المشتركة والاستقرار الدائم داخل المجتمعات المختلفة بينما يحافظ ويحترم القيم والقوانين الدينية الصحيحة. بهذا الأسلوب يمكن الجمع بين الفائدة القصوى للتطور العلمي الحديث واحترام التعاليم الاسلامية الأصيلة بنفس الوقت.