الديناميكيات الجيوسياسية للصحراء الكبرى: التنافس والتكامل

في أعماق أفريقيا الوسطى تكتسب منطقة الصحراء الكبرى أهميتها باستمرار بسبب مواردها الثمينة وقيمتها الاستراتيجية. تتجاوز هذه المنطقة مجرد مساحة جغرافية ش

  • صاحب المنشور: عصام السمان

    ملخص النقاش:
    في أعماق أفريقيا الوسطى تكتسب منطقة الصحراء الكبرى أهميتها باستمرار بسبب مواردها الثمينة وقيمتها الاستراتيجية. تتجاوز هذه المنطقة مجرد مساحة جغرافية شاسعة؛ فهي تشكل مركزًا حيويًا للتفاعلات المتعددة الأطراف بين الدول الإفريقية والصعود القاري المتزايد للدول خارج الحدود الأفريقية. إن دراسة ديناميكياتها الجيوسياسية أمر بالغ الأهمية لفهم التحولات السياسية والاقتصادية التي تحدث هناك وتأثيرها المحتمل على مستقبل إفريقيا وأمن العالم بشكل عام.

تتسم الصراع والتوترات التاريخية دورًا رئيسيًا في تشكيل العلاقات داخل وخارج حدود الصحراء الكبرى. يعكس تاريخ المنطقة استعمار قوى خارجية متعاقبة مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، مما ترك تراثًا من عدم الاستقرار السياسي وضعف المؤسسات الوطنية. أدى هذا إلى ظهور حركات مقاومة محلية وجماعات انفصالية تسعى لتحقيق الحكم الذاتي أو الاستقلال الكامل عن الحكومات المركزية. تعد الحرب في ليبيا والحرب المشتعلة منذ فترة طويلة في مالي مثالين بارزين على العنف الذي لا يزال يؤججه تدخل القوى الخارجية واتفاقاتها مع الفاعلين المحليين.

بالإضافة إلى ذلك، فإن توفر النفط والمعادن الأخرى والموارد الطبيعية الأخرى يشجع المنافسة بين البلدان القائمة نحو تأمين مصالحها الخاصة. تستغل الصين مثلاً نفوذها الاقتصادي المتنامي للاستثمار بكثافة في البنية الأساسية والثروات المعدنية ضمن دول الصحراء الكبرى كجزء من مبادرة الحزام والطريق الواسعة المدى لها والتي تهدف لتأسيس طرق تجارية جديدة تمتد عبر آسيا وأوروبا وإفريقيا وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية. تُظهر مشاركة روسيا أيضًا نمو الرأي بأن مناطق ذات طابع جيوبولتيكي مهم وقد تكون بوابة لتعزيز وجودها الدولي سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو حتى دبلوماسية حسب الظروف المختلفة لكل بلد منها. وفي الوقت نفسه تعمل الولايات المتحدة وتحالفاتها التقليدية أيضا للحفاظ على تواجد دائم لهذه المنطقة كتأكيد لبقاء هيمنتهم العالمية التنظيم العالمي للأمم المتحدة ومنظماته الفرعية بحاجة ماسة لمزيد من التدخل لحل المشاكل الملحة خاصة تلك المرتبطة بالأزمات الإنسانية والجوع الناجمة عنها . كما تحتاج المنظومة الدولية بأكملها لإعادة النظر بتوجهاتها تجاه آليات حل النزاعات المستدامة بعيدا عن استخدام الحلول العسكرية باعتبار ان الأخيرة غالبا ماتكون مؤقتة ولم تخلف غير المزيد من الدمار والخراب! أخيرا وليس آخرا فالسلام والأمان سيظلان هدفا أساسا لأبناء هذه المنطقة وما حولها بل وعلى مستوى العالم بأسره اذا تمكن المجتمع الدولي واستشعرت كل دولة مسؤوليتها الانسانية والدينية والقانونية للسعي لعقد سلام شامل ومتوازن يوحد الجميع تحت مظلة حقوق مشتركة واحترام متبادل مبني عليه بناء مجتمع خالٍ من أي شكل من أشكال العنصرية والكراهية والإقصاء للمجموعات المختلف ثقافياً وفكرياً!


كامل اليحياوي

3 مدونة المشاركات

التعليقات