- صاحب المنشور: وداد بن عبد الله
ملخص النقاش:
لقد كان للفن مكان سامٍ وثمين في تاريخ الحضارة الإسلامية منذ عهدها الأول. فقد حرص المسلمون عبر العصور على استخدام الفن كأداة للتواصل الروحي والديني والفكري، حيث تجلى ذلك في فنون الزخرفة الإسلاميّة والعمارة والموسيقى والشعر وغيرها الكثير. لكن مع مرور الوقت وتغير الظروف الاجتماعية والثقافية، ظهرت تساؤلات حول مدى توافق بعض أشكال الفن المعاصر مع التعاليم الدينية والأخلاقيات الإسلامية. وفي هذا المقال سنستعرض هذه القضية المحورية، مستكشفين الحدود بين التعبير الفني والإلتزام بالدين.
تعزيز الرؤية الجمالية للإسلام:
يشدد الإسلام على أهمية الجمال والتوازن في الحياة اليومية، وهو نهج يظهر جليا في مختلف جوانب الثقافة العربية والإسلامية التقليدية. ففي العمارة مثلا نرى كيف عزز الفن الإسلامي جمال المساجد والكنائس والمدارس الإسلامية القديمة، مما يعكس تقديرا عميقا للجوانب البصرية والمعنوية للأعمال الفنية. وبالمثل، فإن الموسيقى الشعرية، التي كانت جزءا أساسيا من الثقافة العربية في الماضي، تُعتبر شكلا جميلاً ومثابراً لالتقاء الكلمة بالموسيقى وتعبيراتها الإنسانية المشتركة.
تحديات الابتكار الحديث:
مع ظهور تيارات جديدة ومتنوعة داخل المجتمعات العربية والإسلامية، مثل حالات الانفتاح الأكثر حداثة أو حتى الاحتجاج ضد القيود التقليدية، أصبح الفنانون يتطرقون إلى مواضيع حساسة سابقاً بطريقة غير مسبوقة. ومن الأمثلة على ذلك الفن الذي يستخدم صورًا بشرية واضحة - وهي ممارسة محظورة تقليديًّا ضمن الشريعة الإسلامية نظرًا لما قد توحي به من عبادة الأوثان – ولكن أيضا لأنّه يمكن رؤيتها بأعين أخرى كتعبير شخصي وفناني ذو دلالاته وأهدافه الخاصة. هذا النهج الجديد لم يخفف عنه الخلافات والحوار المستمر بشأن ماهية "الفن الشرعي" حسب فهم كل فرد.
إعادة تعريف المفاهيم المتعلقة بالإعتدال والتسامح:
يتطلب التعامل مع اختلاف الأفهام الدينية والجمالية فضاء واسع للمناقشة الهادفة وعدم إصدار أحكام مطلقة حول أي شكل فني بعينه بناءً على معتقد واحد دون الآخر. إن احترام وجهات النظر المختلفة أمر حيوي لدفع المجتمع نحو مزيد من الإنفتاح والتواصل الثقافي الأصيل. لذلك دعونا نسعى لبناء جسور تفاهم متينة بدلا عن وضع قوانين رادicale تحرم كامل أنواع الفن بحجة أنها تتعارض مع الدين. فتعدد وجهات النظر هو مصدر قوة لتحسين العمل الفني وإثرائه أكثر فأكثر خدمة لقضايا نبيلة كالعدالة الاجتماعية وطرح قضايا أخلاقية مهمة تستحق التأمل والتقييم الموضوعي!
وفي النهاية يبقى الأمر متعلقا برؤية شخصية لكل شريحة مجتمعة مختلفة فيما يتعلق بقواعد الأخلاق والثوابت العقائدية لديهم والتي تمثل هويتهم الذاتيه كمجموعة وليس كفرد منعزل بغفلته الشخصية الحرة!